ويعنون به فهم التاريخ فهما إسلاميّا ،
منطلقا من علاقة الغيب المدروسة والمحققة بحركة الواقع البشري ، وذلك من خلال منطق
التدافع والدورات من لدن آدم ـ عليهالسلام
ـ وإلى عصرنا الحاضر .
وأصحاب هذه المدرسة يأخذون في تفسيرهم
القرآن الكريم بالغائية ، ولكن يخالفون في الوقت نفسه منطق الفلاسفة الغائيين ،
فالغائية ـ عند أصحاب المدرسة الفكرية المعاصرة ـ وسيلة تحكم مسار الحركة العامة
وتتجه إليها جبريّا ، فهم لا يقولون بالغاية المسبقة.
وقد نبه أبو القاسم حاج إلى أن «مفهوم
الحركة في التاريخ البشري من خلال القرآن لا يقوم عبر الصراع الطبقي ، كما هو
الحال في النظرة الغربية ، وإنما يقوم عبر أشكال دائرية ، بدءا بالشكل الفردي ، ثم
الشكل القومي ، وانتهاء بالشكل العالمي ، وبعبارة أوضح فإن هناك جدلا بين الإنسان
والكون ، يتم عبر أطوار تاريخية ثلاثية ، فالانفصال المادي للإنسان من الكون عبر
مراحل ثلاث : مواد مختلطة من النسيج الكوني تتحول إلى كائن عضوي ويتحول إلى إنسان
، يقابله اندماج الإنسان بالوعي في رحم الكون عبر مراحل ثلاث : الطور العائلي ،
الطور القومي ، الطور العالمي ، وهي تماثل ثلاثية الخلق في الرحم» .
وبناء على تبني المدرسة الفكرية
المعاصرة لهذه المناهج ، يمكننا أن نبرز الآتي :
١ ـ ترى المدرسة الفكرية المعاصرة أنها
تفترق عن المدرسة التفسيرية التقليدية في المنهج المتبع من حيث إن أسلوب الأولى
يعتمد على «التحليل» عوضا عن «التفسير» ، وعلى «التبيين المنهجي» في إطار الوحدة
القرآنية بطرح «الجزء» في إطار «الكل» عوضا عن التفسير التقليدي للكتاب في أجزائه .
ونقول : إن اعتماد هذه المدرسة «التحليل»
دون «التفسير» لا يمكن أن يطبق تطبيقا كاملا في فهم القرآن الكريم ؛ وذلك لأمور
منها :
أولا : المعنى اللغوي والاصطلاحي يؤكد
ذلك ؛ فالتحليل ـ في اللغة ـ من حل العقدة
__________________