٤ ـ محمد بن كعب القرظي :
محمد بن كعب القرظي المدني ثم الكوفي أحد العلماء ، روى عن أبي الدرداء مرسلا ، وعن فضالة بن عبيد ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وروى عنه ابن المنكدر ، ويزيد بن الهاد ، والحكم بن عتيبة.
قال ابن عون : ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن من القرظي.
وقال ابن سعد : كان ثقة ورعا كثير الحديث.
قيل : مات سنة تسع عشرة ومائة ، وقيل : سنة عشرين.
ثالثا : المدرسة العراقية :
من المدارس التي أصبحت لها قيمتها العلمية مدرسة العراق ، وكان تلاميذ هذه المدرسة منهم من كان ببغداد ، ومنهم من كان بالكوفة ، ومنهم من كان بالبصرة ، وأستاذ هذه المدرسة الأكبر هو : عبد الله بن مسعود ، حيث ولى سيدنا عمر عمار بن ياسر على الكوفة وسير معه عبد الله بن مسعود معلما ، ووزيرا ، وقد شرب من علمه أهل العراق عللا بعد نهل ، وأصبحوا متأثرين بطريقته في الاجتهاد في الفقه ، والأحكام ، والتفسير ، وهي حرية الرأي في الاجتهاد ، وحسن التصرف في النصوص ، وعدم الجمود عليها (١).
وقد روي عن مسروق أنه قال : وجدت علم أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم انتهى إلى ستة : عمر ، وعلي ، وأبي ، وزيد ، وأبي الدرداء ، وعبد الله بن مسعود ، ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين : علي ، وعبد الله ؛ يعني ابن مسعود.
وفي رواية أخرى : ذكر أبا موسى بدل أبي الدرداء (٢).
وأهم سمة تميز مدرسة العراق شيوع طريقة الاستدلال فيها ؛ لأن أهل العراق عرفوا بأنهم أهل رأي ، وقد وضع حجر الأساس لهذه الطريقة عبد الله بن مسعود (٣).
فالحسن البصري مثلا يعمل فكره ورأيه في فهم القرآن ، فيقول في تفسير قوله تعالى : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) [النبأ : ٢٣] : «إن الله لم يجعل لأهل النار مدة ، بل قال : (لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً) ، فو الله ما هو إلا أنه : إن انقضى حقب دخل آخر إلى الأبد ، فليس للأحقاب عدة
__________________
(١) الإسرائيليات والموضوعات ص ٩٨.
(٢) ينظر : السابق (ص ٩٩).
(٣) التفسير والمفسرون (١ / ١٢٠).