وقد بدأ التفسير في هذه المرحلة حينما كان الصحابة يسألون النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن فهم القرآن الكريم كاملا ليس ميسورا لهم ، «بل لا بد لهم من البحث والنظر والرجوع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فيما يشكل عليهم فهمه ؛ وذلك لأن القرآن فيه المجمل ، والمشكل ، والمتشابه ، وغير ذلك مما لا بد في معرفته من أمور أخرى يرجع إليها» (١).
والأمثلة كثيرة وثابتة تدل على أن الصحابة كانوا يسألون رسول الله صلىاللهعليهوسلم عما يشكل عليهم من معان قرآنية ، فمن ذلك ما أخرجه الترمذي عن على بن أبي طالب قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن «يوم الحج» فقال : «يوم النحر» (٢).
وقد فسر صلىاللهعليهوسلم الحساب اليسير بالعرض حيث قال : «من نوقش الحساب عذب» فقالت له السيدة عائشة : أو ليس قد قال الله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) [الانشقاق : ٧ ـ ٩] فقال صلىاللهعليهوسلم : «ذلك العرض» (٣) بيانا للحساب
__________________
(١) د. محمد حسين الذهبي : التفسير والمفسرون (مكتبة وهبة ، القاهرة ، الطبعة الثالثة (١٤٠٥ ه ـ ١٩٨٥ م /) (١ / ٣٦).
(٢) أخرجه الترمذي (٢ / ٢٨٠) ، أبواب الحج ، باب : ما جاء في يوم الحج الأكبر (٩٥٧) ، وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه كما في الدر المنثور (٣ / ٣٨٠) وأخرجه الترمذي (٩٥٨) وابن أبي شيبة وأبي الشيخ عن على موقوفا كما في الدر المنثور (٣ / ٣٨١).
وقال الترمذي : هذا أصح من الحديث الأول.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر : أخرجه أبو داود (١ / ٥٩٨ ـ ٥٩٩) كتاب المناسك باب يوم الحج الأكبر (١٩٤٥) ، وابن ماجه (٤ / ٥٠٣) كتاب المناسك باب الخطبة يوم النحر (٣٠٥٨) ، والطحاوي في شرح المشكل (١٤٥٩) و (١٤٦٠) والطبراني (٦٤٤٧) والحاكم (٢ / ٣٣١) والبيهقي (٥ / ١٣٩) وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الحيلة كما في الدر المنثور للسيوطي (٣ / ٣٨١) من طرق عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقف يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها فقال : «أي يوم هذا؟» قالوا : يوم النحر قال : «هذا يوم الحج الأكبر».
(٣) أخرجه البخاري (٩ / ٧١٠) كتاب التفسير باب (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) (٤٩٣٩) ، ومسلم (٤ / ٢٢٠٥) كتاب الجنة وصفة نعيمها (٨٠ / ٢٨٧٦) ، وأحمد (٦ / ١٠٨) من طريق القاسم بن محمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس أحد يحاسب إلا هلك» قالت : قلت يا رسول الله جعلني الله فداءك أليس يقول الله عزوجل(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) [الانشقاق : ٧ ـ ٨] قال : «ذاك العرض يعرضون ، ومن نوقش الحساب هلك».
وأخرجه البخاري (٤٩٣٩) ، ومسلم (٧٩ / ٢٨٧٦) ، وأحمد (٦ / ٤٧ و ١٠٨ و ١٢٧) ، وأبو داود (٢ / ٢٠١) كتاب الجنائز باب عيادة النساء (٣٠٩٣) ، والترمذي (٤ / ٢٢٣) كتاب صفة القيامة (٢٤٢٦) ، والنسائي في الكبرى (٦ / ٤٩٧) كتاب التفسير باب قوله (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) ، وأبو يعلى (٤٤٥٣) ، وابن حبان (٧٣٦٩) و (٧٣٧٠) و (٧٣٧١) ، والقضاعي في مسند الشهاب (٣٣٨) ، والبيهقي في الاعتقاد (٢٠٩ ـ ٢١٠) ، من طرق عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حوسب يوم القيامة عذب» فقلت : أليس قد قال الله ـ