ويذهب الماتريدية إلى أن الأنبياء
معصومون من الصغائر ، وأوجبوا تأويل كل ما أوهم في حقهم عليهمالسلام
من الكتاب والسنة مما اغتر به بعض من أجاز عليهم الصغائر ، فالأنبياء منزهون عن
الصغائر والكبائر ومن جميع المعاصي.
يقول شارح الفقه
الأكبر :
«إن الأنبياء عليهمالسلام
معصومون عن الكذب ، خصوصا فيما يتعلق بأمر الشرع وتبليغ الأحكام وإرشاد الأمة إما
عمدا وإما سهوا : عمدا فبالإجماع ، وسهوا عند الأكثرين ، وفي عصمتهم عن سائر
الذنوب تفصيل ، وهو أنهم معصومون عن الكفر قبل الوحي ، وبعده بالإجماع ، وكذا عن
تعمد الكبائر عند الجمهور ، وأما سهوا فجوزه الأكثرون» .
الأشاعرة :
يتفق الأشاعرة مع الماتريدية ـ وغيرهم
من سائر الفرق ـ على أن الأنبياء معصومون من الكبائر مطلقا ، قبل البعثة وبعدها.
وفيما يخص الصغائر ، فهي عندهم نوعان :
أحدهما : صغائر قبل النبوة.
ثانيهما : صغائر بعد النبوة.
ويذهب الأشاعرة إلى أن الأنبياء تصدر
عنهم هذه الصغائر قبل النبوة إذا لم تكن خسيسة وليس هناك دليل على منع ذلك ، سواء أكان
ذلك عمدا أم سهوا ، أما بعد النبوة فإن الأنبياء معصومون عن تعمد كل ما يخل بصدقهم
حتى إذا كان من الصغائر.
يقول الآمدي في الأحكام : «وأما بعد
النبوة فالاتفاق من أهل الشرائع قاطبة على عصمتهم عن تعمد كل ما يخل بصدقهم فيما
دلت المعجزة القاطعة على صدقهم فيه من دعوى الرسالة والتبليغ عن الله تعالى» .
وبهذا يتضح أن محل الخلاف بين
الماتريدية والأشعرية في هذه المسألة أن الماتريدية يرون وجوب العصمة أيضا من
الصغائر ، لكن بعض الأشاعرة يجيز وقوع الصغائر من الأنبياء قبل البعثة وبعدها كذلك
سهوا .
__________________