«لم أجد ديناً أفضل من دينكم» ، وأخذ يهجو النبي بقصائد من الشعر وكانت لديه بعض الجواري المغنيّات والراقصات ، فكان يجلس مجالس الطرب واللهو ويشترك معه مجموعة من المشركين فيشربون الخمر ويهجون النبي بهذه الأشعار ، وبما أنّه بلغ من الوقاحة والخيانة في بيت المال إلى هذه الدرجة العظمية حتّى أنّ هذه الخيانة تسببت في إرتداده عن الإسلام وهتكه لحرمة النبي الأكرم ، فلذلك أصدر النبي أمره هذا ، فلّما سمع بذلك التجأ إلى الكعبة ، وبما أنّ من يلوذ بالكعبة سوف يصان دمه ، فلذلك سحبوه إلى خارج الحرم وقتلوه (١).
فهذه التصريحات الشديدة والأحاديث المثيرة تشير إلى أنّ الخيانة في بيت مال المسلمين ورغم أنّ البعض يتصوّر أنّها سهلة ويسيرة فإنّها من أعظم الذنوب والخطايا ، وعقوبتها من أشدّ أنواع العقوبات الدنيوية والاخروية.
ونختم هذا البحث بالإشارة إلى حادثة وقعت في زمان رسول الله حيث تبيّن الأهميّة الكبيرة لبيت المال ، والحادثة هي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عند ما عاد من خيبر ووصل إلى وادي القرى كان معه غلام أهداه له رفاعة بن زيد الجذامي قال : فو الله إنّه ليضع رحل رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا أتاه سهم غرب فأصابه فقتله ، فقلنا : هنيئاً له الجنّة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «كَلّا والذي نفس محمد بيده إنّ شَملتّهُ الآن لتحترق عليه في النار كان غلها من فيء المسلمين يوم خيبر».
قال : فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فأتاه فقال : يا رسول الله أصبت شراكين لنعلين لي ، قال :
فقال عليهالسلام : «يُقد لك مثلهما من النار» (٢).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، ج ١٨ ، ص ١٤ و ١٥.
(٢) سيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٣٥٣.