السجادية عبارات واضحة لهذا المفهوم في دعاء يوم الإثنين حيث يقول فيه الإمام (من خلال كونه اسوة للآخرين): «وَأَسأَلُكَ فِي مَظَالِمِ عِبادِكَ عِندِي ، فَأَيُّما عَبدٍ مِنْ عَبِيدِكَ ، أَو أَمَةٍ مِنْ إِمائِكَ كانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظلَمَةٌ ظَلَمتُها إِيَّاهُ فِي نَفْسِهِ أَو عِرضِهِ أَو فِي مالِهِ أَو فِي أَهلِهِ وَوَلَدِهِ ، أو غَيبَةٍ اغتَبتُهُ بِها ، أو تَحامُلٌ عَلَيهِ بِمَيلٍ أو هَوىً ، أو أنَفَةٍ أو حَمِيَّةٍ أو رِياءٍ أَو عَصَبِيةٍ غائِباً كانَ أَو شاهداً ، حَيَّاً كانَ أَو مَيتاً ، فَقَصُرتْ يَدِي وَضاقَ وسعِي عَنْ رَدِّها إِلَيهِ ، وَالتَّحلُّلِ مِنهُ. فَأَسأَلُكَ يا مَنْ يَملِكُ الحاجاتِ وَهِيَ مُستَجِيبَةٌ لِمَشِيَّتِهِ وَمُسرِعَةٌ إِلى إِرادَتِهِ أَن تُصَلِّي عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وأَن تُرضِيَهُ عَنِّي بِما شِئتَ ...» (١).
وعلى أيّة حال فإنّ احتمال كون الغيبة من حق الناس قوي جدّاً ، ولذلك فإنّه لو لم يكن أمامه مشكل في طلب الرضا والتحلل منه وجب عليه ذلك.
وهناك ملاحظة مهمّة وهي أنّ أحد طرق جبران الغيبة هو أن يقوم المستغيب بالحضور في مجلس يحوي الأشخاص الذين كانوا قد حضروا مجلسه السابق ، فيقوم بإعادة الشريط وتبرير سلوك أخيه المؤمن بما يوافق الأخلاق الحسنة والشرع المقدّس ويحمله على الصحة بحيث تزول من الأذهان آثار الغيبة وتعود المياه إلى مجاريها.
٣ ـ مستثنيات الغيبة
يتفق علماء الأخلاق وكذلك الفقهاء على أنّ هناك موارد تجوز فيها الغيبة وقد تصبح واجبة أحياناً ، وذلك بسبب طروء عوارض معينة على الغيبة ممّا يغيّر حكمها الأصلي.
وبعبارة اخرى أنّ الغيبة بعنوانها الأولى حرام بلا شك ومن الذنوب الكبيرة وفي ذلك يتفق علماء الإسلام ، ولكن هناك عناوين ثانوية تطرأ على هذا الفعل بإمكانها أن تكون حاكمة على العنوان الذاتي والأولى ممّا يفضي إلى أن تكون الغيبة جائزة بل واجبة ، وذلك في الموارد التي تكون فيها المصلحة أهم ويكون حفظ هذه المصلحة غالب على المفاسد
__________________
١ ـ ملحقات الصحيفة السجادية ، دعاء يوم الاثنين.