تعجلنّ على صاحبك حتى آتيكم ثم قام عليهالسلام من مجلسه فأخذ وضوءاً ثم عاد فصلّى ركعتين ثم مدّ يده تلقاء وجهه ما شاء الله ثمّ خرّ ساجداً حتّى طلعت الشمس ثم نهض فانتهى إلى منزل الشامي ، فدخل عليه فدعاه فأجابه ثم أجلسه وأسنده ودعا له بسويق فسقاه وقال لأهله : املؤوا جوفه وبرّدوا صدره بالطعام البارد. ثمّ انصرف عليهالسلام ، فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى عوفي الشامي فأتى أبا جعفر عليهالسلام فقال : اخلني فأخلاه ، فقال : أشهد أنّك حجّة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فمن أتى من غيرك خاب وخسر وضلّ ضلالاً بعيداً.
قال له أبو جعفر عليهالسلام : وما بدا لك؟
قال : أشهد أنّي عهدت بروحي وعاينت بعيني فلم يتفاجأني إلّا ومناد ينادي اسمعه بأذني ينادي وما أنا بالنائم ردّوا عليه روحه فقد سألنا ذلك محمد بن علي.
فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «أَما عَلِمتَ أَنّ اللهَ يُحبُّ العَبدَ ويُبغِضُ عَمَلهُ ويُبغض العبد ويحبّ علمه؟» ، (أي كما أنّك كنت مبغوضاً لدى الله لكنّ عملك وهو حبّنا مطلوباً عنده تعالى).
قال الراوي : فصار بعد ذلك من أصحاب أبي جعفر عليهالسلام (١).
٨ ـ ورد في الحديث المعروف في حالات الإمام الصادق المذكور في مقدمة (توحيد المفضل) أنّ المفضل بن عمر قال كنت ذات يوم بعد العصر جالساً في الروضة وبين القبر والمنبر وأنا مفكّر فيما خصّ الله به سيّدنا محمداً من الشرف والفضائل ، وما منحه وأعطاه وشرّفه به وحباه لا يعرفه الجمهور من الامّة ، وما جهلوه من فضله وعظيم منزلته وخطر مرتبته ، فإنّي لكذلك إذ أقبل ابن أبي العوجاء فجلس بحيث أسمع كلامه ، فلمّا استقرّ به المجلس إذا رجل من أصحابه قد جاء فجلس إليه فتكلّم ابن أبي العوجاء؟ فقال : لقد بلغ صاحب هذا القبر العزّ بكماله ، وحاز الشرف بجميع خصاله ، ونال الحظوة في كل أحواله ، فقال له صاحبه : إنّه كان فيلسوفاً إدّعى المرتبة العظمى والمنزلة الكبرى ، وأتى على ذلك بهجرات بهرت العقول ، وضلّت فيها الأحلام ، وغاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر فرجعت خاسئات وهي حسير ، فلمّا استجاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء
__________________
١ ـ منتهى الآمال ، ص ٦٣ (بتلخيص).