الرسل ، وقهر أعدائهم. (هذا) أي القرآن (نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى) أي إنذار من جنس الإنذارات الأولى التي أنذر بها من قبلكم. أو هذا الرسول نذير من جنس من تقدمه ، ليس بدعا من الرسل.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) (٥٨)
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) أي قربت القيامة الموصوفة بالقرب. فاللام في (الْآزِفَةُ) للعهد وقيل : الآزفة علم بالغلبة للساعة هنا ، لئلا يلزم وصف القريب بالقريب.
قال الشهاب : وفيه نظر ، لأن وصف القريب بالقرب يفيد المبالغة في قربه ، كما يدل عليه الافتعال في (اقتربت).
(لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ) أي ليس لقيامها غير الله مبيّن لوقتها ، كقوله : (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ) [الأعراف : ١٨٧] ، و (كاشِفَةٌ) صفة محذوف ، أي نفس كاشفة ، أو حال كاشفة. أو التاء للمبالغة. أو هو مصدر بني على التأنيث و (مِنْ دُونِ اللهِ) بمعنى غير الله ، أو إلا الله. وقيل : الكشف بمعنى الإزالة. أي ليس لها نفس كاشفة إذا وقعت ، إلا هو تعالى ، من (كشف الغماء).
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا) (٦٢)
(أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ) يعني القرآن الذي قص ما تقدم ، وأنذر بما أخبر (تَعْجَبُونَ) أي : تعجب إنكار مع أن ما حواه مما يلجئ إلى الإذعان والإقرار ، بل مما يفيض لحقيته الدمع المدرار ، كما قال (وَتَضْحَكُونَ) أي استهزاء (وَلا تَبْكُونَ) أي مما فيه من وعيد للعصاة ، ومما فرط منكم قبل سماع ذكراه كما يفعله الموقنون به ، المحدث عنهم في آية (وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) [الإسراء : ١٠٩] ، (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) أي لاهون عما فيه من العبر ، معرضون عن آياته كبرا.
قال مجاهد : كانوا يمرّون على النبيّ صلىاللهعليهوسلم غضابا مبرطمين ، أي : شامخين.
وعن ابن عباس : هو الغناء : كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا ، وهي لغة أهل اليمن. يقولون : اسمد لنا : تغنّ لنا. والمآل واحد. وإن اختلفت العبارة عنه. ولا ريب