قال ابن جرير : وكانوا قد اشتقوا اسمها من اسم الله ، فقالوا (اللَّاتَ) يعنون مؤنثة من لفظه تعالى الله عن قولهم علوّا كبيرا ، كما قالوا : عمرو وعمرة.
وقال الزمخشري : هي فعلة من (لوى) لأنهم كانوا يلوون عليها ، ويعكفون للعبادة ، أو يلتوون عليها ، أي يطوفون.
وحكي عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أنس أنهم قرءوا (اللاتّ) بتشديد التاء ، وفسروه بأنه كان رجلا يلتّ للحجيج في الجاهلية السويق ، فلما مات عكفوا على قبره وعبدوه. (وَالْعُزَّى) وهي شجرة عليها بناء وأستار بنخلة ، وهي بين مكة والطائف.
قال ابن جرير : اشتقوا اسمها من اسمه تعالى (العزيز) وقال الزمخشريّ : أصلها تأنيث الأعز.
(وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) وهي صخرة كانت بالمشلل عند قديد ، بين مكة والمدينة وكانت خزاعة والأوس والخزرج في جاهليتها يعظّمونها ، ويهلون منها للحج إلى الكعبة.
روى البخاريّ عن عائشة نحوه.
قال ابن جرير : وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول : اللّات والعزّى ومناة الثالثة ، أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها. انتهى.
تنبيهات :
الأول ـ قال القاضي : (مناة) فعلة ، من مناه إذا قطعه. فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين. ومنه سميت (منى) لأنه يمنى فيها القرابين ، أي ينحر.
وقال الزمخشريّ : وكأنها سميت (مناة) لأن دماء المناسك كانت تمنى عندها ، أي تراق. وقرئ (مناءة) مفعلة من (النوء) ، كأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء تبركا بها.
فإن قيل : كونها ثالثة وأخرى مغايرة لما تقدمها ، معلوم غير محتاج للبيان.
وأجيب : بأنهما صفتان للتأكيد ، أو (الثَّالِثَةَ) للتأكيد ، و (الْأُخْرى) بيان لها ، لأنها مؤخرة رتبة عندهم ، عن اللات والعزى.