ويؤيد الثاني الإشارة إلى الزكاة في الآية بعدها. والزكاة قرينة الصلاة في كثير من الآيات وسر التعبير عن الصلاة بالاستغفار ، الإشارة إلى أنه ركنها المهم في التهجد ، بل وفي غيره ، فيكون من إطلاق الجزء على الكل. وقد ذكر في أذكار الصلاة الاستغفار في مواضع منها. كالركوع والسجود وبين السجدتين وآخر الصلاة ، كما أخرجه الشيخان وأهل السنن ـ وكان صلىاللهعليهوسلم يطيل الركوع والسجود والتهجد لذلك.
لطيفة :
قال الزمخشريّ في (أساس البلاغة) إنما سمي (السحر) استعارة ، لأنه وقت إدبار الليل ، وإقبال النهار ، فهو متنفس الصبح. انتهى.
(وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أي الفقير المتعفف الذي يظن غنيا ، فيحرم الصدقة.
قال قتادة : هذان فقيرا أهل الإسلام : سائل يسأل في كفه ، وفقير متعفف ولكليهما عليك حق ، يا ابن آدم.
وفي الصحيح (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم : ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان. ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه.
وروى الإمام أحمد عن الحسين بن عليّ رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : للسائل حق وإن جاء على فرس. ورواه أبو داود وأسنده عن عليّ كرم الله وجهه.
ويدخل في (المحروم) كل من لا مال له ، ومن هلك ماله بآفة ، ومن حرم الرزق واحتاج ، إلا أن أهم أفراده المتعفف. ولذا عوّل عليه الأكثر.
وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس : في أموالهم حق سوى الزكاة يصلون بها رحما ، أو يقرون بها ضيفا ، أو يحملون بها كلّا.
ثم أشار تعالى إلى أنه لا حاجة إلى الخرص والتخمين في باب الاعتقادات ، لكثرة الآيات الواضحة ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ) (٢٠)
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التفسير ، ٢ ـ سورة البقرة ، ٤٨ ـ باب (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) ، حديث رقم ٧٨٨ ، عن أبي هريرة.