ثم عدّد سبحانه الخيرات والمنافع التي هي آثار رحمته وفضله ، كما عددها في موضع آخر. ثم قال : (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ).
لطيفة :
قال ابن القيم في (طريق الهجرتين) في هذه الآية : كلمة (السلام) هنا تحتمل أن تكون داخلة في حيز القول فتكون معطوفة على الجملة الخبرية ، وهي (الحمد لله) ويكون الأمر بالقول متناولا للجملتين معا. وعلى هذا ، فيكون الوقف على الجملة الأخيرة ، ويكون محلها النصب محكيّة بالقول.
ويحتمل أن تكون الجملة مستأنفة مستقلة معطوفة على جملة الطلب. وعلى هذا فلا محل لها من الإعراب.
وهذا التقدير أرجح ، وعليه يكون السلام من الله عليهم. وهو المطابق لما تقدم من سلامه سبحانه على رسله صلّى الله عليهم وسلم.
وعلى التقدير الأول يكون أمر بالسلام عليهم.
ولكن يقال على هذا : كيف يعطف الخبر على الطلب مع تنافر ما بينهما. فلا يحسن أن يقول : قم وذهب زيد ، ولا اخرج وقعد عمرو.
ويجاب على هذا بأن جملة الطلب ، قد حكيت بجملة خبرية ، ومع هذا لا يمتنع العطف فيه بالخبر على الجملة الطلبية لعدم تنافر الكلام فيه وتباينه.
وهذا نظير قوله تعالى : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس : ١٠١].
فقوله : (وَما تُغْنِي الْآياتُ) ليس معطوفا بالقول وهو (انظروا) بل معطوف على الجملة الكبرى.
على أن عطف الخبر على الطلب كثير كقوله تعالى : (قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ، وَرَبُّنَا الرَّحْمنُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ) [الأنبياء : ١١٢] ، وقوله : (وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) [المؤمنون : ١١٨].
والمقصود أنه على هذا القول ، يكون الله سبحانه قد سلّم على المصطفين من عباده ، والرسل أفضلهم. انتهى. وقوله تعالى :