القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً) (٦٤)
(قالَ) أي موسى (ذلِكَ) أي المكان الذي اتخذ فيه سبيله هربا (ما كُنَّا نَبْغِ) أي نطلب فيه الخضر. لأنه أمارة المطلوب. وقرئ في السبع بإثبات الياء بعد الغين ، وصلا لا وقفا. وبإثباتها في الحالين. وبحذفها كذلك (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما) أي رجعا ماشيين على آثار أقدامهما يتبعانها (قَصَصاً) أي اتباعا لئلا يفوتهما الموضع ثانيا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) (٦٥)
(فَوَجَدا) أي فأتيا الموضع المنسيّ فيه الحوت ، فوجدا (عَبْداً مِنْ عِبادِنا) التنكير للتفخيم ، والإضافة فيه للتشريف. والجمهور على أنه الخضر. وسنتكلم على جملة من نبئه ، بعونه تعالى ، بعد تمام القصة (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) أي آتيناه رحمة لدنيّة ، اختصصناه بها (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) أي علما جليلا آثرناه. وهو علم لدنّيّ يكون بتأييد ربّاني. وسنذكر إن شاء الله تعالى العلم اللدنّيّ في آخر هذا النبأ.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) (٦٦)
(قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ) أي أصحبك (عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ) أي من لدن ربك (رُشْداً) أي علما ذا رشد. أي هدى وإصابة خير.
قال القاضي : وقد راعي في ذلك غاية التواضع والأدب. فاستجهل نفسه ، واستأذن أن يكون تابعا له ، وسأل منه أن يرشده وينعم عليه ، بتعليم بعض ما أنعم الله عليه. أي وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) (٦٨)
(قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) أي بوجه من الوجوه. ثم علل معتذرا بقوله