ولعلومهم وعقائدهم الفاسدة باللزوم. وكل واحد من السراب والظلمات ، مثل لمجموع علومهم وأعمالهم. فهي سراب لا حاصل لها ، وظلمات لا نور فيها. وهذا عكس مثل أعمال المؤمن وعلومه ، التي تلقاها من مشكاة النبوة. فإنها مثل الغيث الذي به حياة البلاد والعباد. ومثل النور الذي به انتفاع أهل الدنيا والآخرة. ولهذا يذكر سبحانه هذين المثلين في القرآن في غير موضع ، لأوليائه وأعدائه. انتهى. كلام ابن القيم رحمهالله تعالى.
ثم أشار تعالى إلى تعديل الدلائل على ربوبيته ووحدانيته في ألوهيته ، وظهور أمره وجلالته ، بقوله سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ) (٤١)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي ينزهه ويقدسه وحده ، أهلوهما (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) أي يصففن أجنحتهن في الهواء (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) أي كل واحد مما ذكر ، قد هدى وأرشد إلى طريقته ومسلكه ، في عبادة الله عزوجل. فالضمير في (علم) لكل. أو للفظ الجلالة ، كالضمير في صلاته وتسبيحه.
قال الزمخشري : ولا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه ، كما ألهمها سائر العلوم الدقيقة التي لا يكاد العقلاء يهتدون إليها.
وتقدم في سورة الإسراء كلام في تسبيح الجمادات ، فارجع إليه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ).
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) (٤٢)
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) أي هو الإله الحاكم المتصرف فيهما ، الذي لا تنبغي العبادة فيهما إلّا له ، وإليه يوم القيامة ، مصير الخلائق ، فيحكم بينهم ، ويجزي الذين أساءوا بما عملوا.