المسيب وسعيد بن جبير وسفيان الثوريّ وأبي حنيفة ومالك. بدليل أنه قرن
السجود بالركوع. فدل ذلك أنه سجدة صلاة ، لا سجدة تلاوة ـ كذا في (لباب التأويل)
أي لأن المعهود في مثله من كل آية ، قرن الأمر بالسجود فيها بالركوع ، كونه أمرا
بما هو ركن للصلاة ، بالاستقراء نحو (وَاسْجُدِي
وَارْكَعِي) [آل عمران : ٤٣] ، وإذا جاء الاحتمال سقط الاستدلال.
وما روي من
الحديث المذكور ، قال الترمذيّ رحمهالله : إسناده ليس بالقويّ. وكذا قال غيره كما في (شرح
الهداية) لابن الهمام.
قال الخفاجيّ :
لكن يرد عليه ما في (الكشف) أن الحق أن السجود حيث ثبت ، ليس من مقتضى خصوص في تلك
الآية ، لأن دلالة الآية غير مقيدة بحال التلاوة البتة. بل إنما ذلك بفعل رسول
الله صلىاللهعليهوسلم أو قوله. فلا مانع من كون الآية دالة على فرضية سجود
الصلاة. ومع ذلك يشرع السجود عند تلاوتها ، لما ثبت من الرواية فيه.
الثاني ـ قال
في (اللباب) اختلف العلماء في عدّة سجود التلاوة. فذهب الشافعي وأحمد وأكثر أهل
العلم إلى أنها أربع عشرة سجدة. لكن الشافعي قال : في الحج سجدتان. وأسقط سجدة (ص).
وقال أبو حنيفة في الحج سجدة. وأثبت سجدة (ص) وبه قال أحمد ، في إحدى الروايتين
عنه. فعنده أن السجدات خمس عشرة سجدة. وذهب قوم إلى أن المفصل ليس فيه سجود. يروى
ذلك عن أبيّ بن كعب وابن عباس. وبه قال مالك.
فعلى هذا يكون
سجود القرآن إحدى عشرة سجدة. يدل عليه ما روي عن أبي الدرداء ؛ أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : في القرآن إحدى عشرة سجدة. أخرجه أبو داود وقال :
إسناده واه. ودليل من قال (في القرآن خمس عشرة سجدة) ما روي عن عمرو بن العاص قال
: أقرأني رسول الله صلىاللهعليهوسلم في القرآن خمس عشرة سجدة. منها ثلاث في المفصل. وفي
سورة الحج سجدتان أخرجه أبو داود . وصح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : سجدنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في (اقْرَأْ) و (إِذَا السَّماءُ
انْشَقَّتْ) أخرجه مسلم . انتهى.
__________________