القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠) وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) (٧١)
(وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) أي أرادوا أن يكيدوه بالإضرار ، فما كانوا إلا مغلوبين مقهورين. قال الزمخشري : غالبوه بالجدال فغلّبه الله ولقنه بالمبكّت. وفزعوا إلى القوة والجبروت فنصره وقوّاه (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً) أي لأنه هاجر معه (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) وهي أرض الشام. بورك فيها بكثرة الأنبياء وإنزال الشرائع التي هي طريق السعادتين. وبكثرة النعم والخصب والثمار وطيب عيش الغنيّ والفقير. وقد نزل إبراهيم عليهالسلام بفلسطين ، ولوط عليهالسلام بسدوم. ثم بين بركته تعالى على إبراهيم بقوله :
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنا صالِحِينَ) (٧٢)
(وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ) أي بدعوته (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) [الصافات : ١٠٠] ، (وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) أي زيادة وفضلا من غير سؤال. ثم أشار إلى أن منشأ البركة فيهما الصلاح بقوله : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ) بالاستقامة والتمكين في الهداية.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٧٣)
(وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) أي قدوة يقتدى بهم في أمور الدين ، إجابة لدعائه عليهالسلام بقوله : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) [البقرة : ١٢٤] ، (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) أي يهدون الناس إلى الحق بأمرنا لهم بذلك وإذننا. قال الزمخشريّ : فيه أن من صلح ليكون قدوة في دين الله ، فالهداية محتومة عليه ، مأمور هو بها ، من جهة الله. ليس له أن يخلّ بها ويتثاقل عنها. وأول ذلك أن يهتدي بنفسه ، لأن الانتفاع بهداه أعم ، والنفوس إلى الاقتداء بالمهدي أميل (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ) أي أن تفعل الخيرات ، مما يختص بالقلوب أو الجوارح (وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) أي بالتوحيد الخالص والعمل الصالح.