مؤكد ل (لنبلوكم) من غير لفظه (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) أي فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر ، قال الزمخشريّ : وإنما سمى ذلك ابتلاء ، وهو عالم بما سيكون من أعمال العاملين قبل وجودهم ، لأنه في صورة الاختبار ، أي فهو استعارة تمثيلية. قال القاضي : وفي الآية إيماء بأن المقصود من هذه الحياة الابتلاء والتعريض للثواب والعقاب تقريرا لما سبق. وقدم الشر لأنه اللائق بالمنكر عليهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) (٣٦)
(وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ) عنى بهذه الآية مستهزئو قريش ، كأبي جهل وأضرابه ممن كان يسخر من رسالته صلوات الله عليه ، ويتغيظ لسبّ آلتهم وتسفيه أحلامهم. كما قال تعالى : (وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها ، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [الفرقان : ٤١ ـ ٤٢] ، وإضافة ذكر (للرحمن) من إضافة المصدر لمفعوله أي بتوحيده. أو للفاعل ، أي بإرشاده الخلق ببعث الرسل وإنزال الكتب رحمة عليهم. أو بالقرآن. هم كافرون ، أي فهم أحق أن يهزأ بهم. وتكرير الضمير للتأكيد والتخصيص. وقوله تعالى :
القول في تأويل قوله تعالى :
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) (٣٧)
(خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) كقوله تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) [الإسراء : ١١] ، جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق منه. كقولك (خلق زيد من الكرم) تنزيلا لما طبع عليه من الأخلاق ، منزلة ما طبع هو منه من الأركان ، إيذانا بغاية لزومه له ، وعدم انفكاكه عنه فالآية استعارة مكنية ، بتشبيه العجل لكونه مطبوعا عليه ، بمادته. ويجوز أن تكون تصريحية. والمراد بالإنسان الجنس. ومن (عجلته) مبادرته إلى الكفر واستعجال الوعيد (سَأُرِيكُمْ آياتِي) أي نقماتي في الدنيا كوقعة بدر. وفي الآخرة عذاب النار (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) أي بالإتيان بها.