القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) (٩٤)
(قالَ) أي هارون (يَا بْنَ أُمَ) بكسر الميم وفتحها. أراد (أمي) وذكرها أعطف لقلبه (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) أي بشعره. وكان قبض عليهما يجره إليه من شدة غضبه : (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي بتركهم لا راعي لهم (وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) أي لم تراعه في الاستخلاف والوجود بين ظهرانيهم.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ) (٩٥)
(قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) أي ثم أقبل على السامري وقال له منكرا : ما شأنك فيما صنعت؟ وما دعاك إليه؟.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) (٩٧)
(قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) أي فطنت لما لم يفطنوا له (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها) أي في الحلي المذاب حتى حيّ (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) أي حسّنته وزينته (قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ) أي لعذابك (مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً) أي لنطيّرنّه رمادا في البحر ، بحيث لا يبقى منه عين ولا أثر.
تنبيهات :
الأول ـ اعلم أن هارون عليهالسلام ، سلك في هذا الوعظ أحسن الوجوه. لأنه زجرهم عن الباطل ، أوّلا بقوله (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ) ثم دعاهم لمعرفة الله تعالى ثانيا بقوله : (وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ) ثم دعاهم ثالثا إلى معرفة النبوة بقوله تعالى :