فكأنه لا خطأ منكم. و (اليوم) متعلق بالتثريب ، أو بالمقدر في (عليكم) من معنى الاستقرار ، والمعنى : ولا أثرّبكم اليوم ، وهو اليوم الذي هو مظنة التثريب ، فما ظنكم بغيره من الأيام؟! فتعبيره ب (اليوم) ليس لوقوع التثريب في غيره ، لأن من لم يثرب أول لقائه واشتعال ناره ، فبعده بطريق الأولى.
وقال الشريف المرتضى في (الدرر) : إن اليوم موضوع موضع الزمان كله كقوله :
اليوم يرحمنا من كان يغبطنا |
|
واليوم نتبع من كانوا لنا تبعا |
ثم زادهم تكريما بأن دعا لهم بالمغفرة ، لما فرط منهم بقوله : (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ).
وقوله : (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) تحقيق لحصول المغفرة لأنه عفا عنهم ، فالله أولى بالعفو والرحمة لهم ، وبيان للوثوق بإجابة الدعاء. وجوز تعلق (اليوم) ب (يغفر). والجملة خبرية سيقت بشارة بعاجل غفران الله ، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم. والوجه الأول أظهر. والثاني من الإغراب في التوجيهات.
تنبيه :
قال بعضهم : إن تجاوز يوسف عن ذنب إخوته ، وإبقاءه عليهم ، ومصافاته لهم ، تعلمنا أن نغفر لمن يسيء إلينا ، ونحسن إليه ، ونصفي له الودّ ، وأن نغضي عن كل إهانة تلحق بنا ، فيسبغ الله تعالى إذ ذاك علينا نعمه وخيراته في هذه الدنيا ، كما أوسع على يوسف ويورثنا السعادة الأخروية. وأما إذا أضمرنا السوء للمسيئين إلينا ، ونقمنا منهم ، فينتقم الله منا ، ويوردنا مورد الثبور ، فنعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا.
ثم قال لهم يوسف :
القول في تأويل قوله تعالى :
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) (٩٣)
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ)