في ميدان الطاعة والبر ، لا في مهاوي الفجور والاثم ، ولقد كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينافس سيدنا ابا بكر في عمل الخير ، وهذا من قوة الايمان وحسن الجهاد وصدق النظر.
وذات يوم طلب النبي من صحابته أن يقدم كل منهم ما يستطيع من المال والمتاع والطعام والسلاح الى جيش المسلمين الذي سيخرج غازيا في سبيل الله ، وهو محتاج الى المعونة والمساعدة ، فقال عمر في نفسه : والله لأسبقن أبا بكر اليوم .. وعزم رضي الله عنه على أن يضحي بشيء يظن أن أبا بكر لا يضحي به ، فذهب الى بيته وقسم ماله وجميع ما يملكه نصفين ، وأبقى النصف الاول لعياله وأهله ، وذهب بالنصف الثاني الى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال له : وما الذي أبقيت لاهلك يا عمر؟ فقال عمر : أبقيت نصف مالي يا رسول الله ، فيشكره النبي ويثني عليه بالخير ، وترتاح نفس عمر الى هذا الاحسان الذي قدمه لوجه الله ، ولكن سيدنا أبا بكر يأتي بعد قليل ، وقد حمل وراءه مالا كثيرا ، ومتاعا كبيرا لقد حمل ماله كله ، دون أن يبقى منه شيئا لأولاده وأهله ، وأراد النبي أن يسأله عما أبقى لأسرته فقال له : وماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر؟ فأجاب سيدنا أبو بكر اجابة المؤمن الواثق بالله ، المعتمد على رزقه ، المتكل على فضله : يا رسول الله ، لقد أبقيت لهم الله ورسوله.
نعم أبقى لهم الله ورسوله ، والله أكرم من كل كريم ، ورسوله أعز من كل عزيز ، وما عندكم ينفد وما عند الله باق.
هنا حدث عمر نفسه بأنه لن يستطيع أن يسبق أبا بكر بعد ذلك في ميدان الخير ، ورضوان الله على صحابة النبي أجمعين.
* * *
واذا كان التنافس في الخير فضيلة من فضائل القرآن فان رسول الله