ومنظمة مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجات المتزايدة ، في السنين القادمة ـ أن يرفع الضيق عن الشعب بأن باع لهم المنتوجات الزراعية مراعياً في ذلك العدالة بينهم.
وهذا القحط والجفاف لم يكن مقتصراً على مصر وحدها ، بل شمل البلدان المحطية بها أيضاً ، ومنهم شعب فلسطين وأرض كنعان المتاخمة لمصر والواقعة على حدودها في الشمال الشرقي ، وكانت عائلة يوسف تسكن هناك وقد تأثّرت بالجفاف ، واشتدّ بهم الضيق ، بحيث اضطرّ يعقوب أن يرسل جميع أولاده ـ ما عدا بنيامين الذي أبقاه عنده بعد غياب يوسف ـ إلى مصر ، حيث سافروا مع قافلة كانت تسير إلى مصر ووصلوا إليها ـ كما قيل ـ بعد ١٨ يوماً.
وتذكر المصادر التاريخية أنّ الأجانب عند دخولهم إلى الأراضي المصرية كانوا ملزمين بتسجيل أسمائهم في قوائم معينة لكي تعرض على يوسف ، ومن هنا فحينما عرض الموظفون تقريراً على يوسف عن القافلة الفلسطينية وطلبهم للحصول على المؤن والحبوب رأى يوسف أسماء اخوته بينهم وعرفهم وأمر بإحضارهم إليه ، دون أن يتعرف أحد على حقيقتهم وأنّهم اخوته ....
يقول القرآن الكريم : (وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ). وكان طبيعياً أن لا يتعرف إخوة يوسف عليه لأنّه في جانب كان قد مضى على فراقهم إياه منذ أن أودعوه الجبّ وخرج منه ودخل إلى مصر ما يقرب من أربعين سنة ، ومن جهة اخرى كان لا يخطر ببالهم أنّ أخوهم صار عزيزاً لمصر ، وحتى لو رأوا الشبه بين العزيز وبين أخيهم لحملوه على الصدفة.
كما أنّ احتمال بقاء يوسف على قيد الحياة بعد هذه المدة كان ضعيفاً عندهم ، وعلى أية حال فإنّ إخوة يوسف قد اشتروا ما طلبوه من الحبوب.
أمّا يوسف فإنّه قد رحّب بإخوته ولاطفهم وفتح باب الحديث معهم ، قالوا : نحن عشرة إخوة من أولاد يعقوب ، ويعقوب هو ابن إبراهيم الخليل نبي الله العظيم ، وأبونا أيضاً من أنبياء الله العظام ، وقد كبر سنّه وألمّ به حزن عميق ملك عليه وجوده.
فسألهم يوسف : لماذا هذا الغم والحزن؟
قالوا : كان له ولد أصغر من جميع إخوته وكان يحبّه كثيراً ، فخرج معنا يوماً للنزهة والتفرج والصيد وغفلنا عنه فأكله الذئب ، ومنذ ذلك اليوم وأبونا يبكي لفراقه.