عندما واجه المشاكل ، وهكذا تكون عاقبة الصبر النصر (فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ).
يستفاد من هذه الآية أنّ الأنبياء كانوا يعلمون الغيب عن طريق تعليم الله وبالمقدار الذي كان يريده الله لهم ، لا أنّهم يعلمون الغيب من أنفسهم.
والآن نودع قصّة نوح بكلّ ما تحمل من عبر وأعاجيب ، ونتوجه إلى نبي عظيم آخر وهو هود الذي سُمّيت هذه السورة باسمه.
(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ (٥٠) يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)(٥٢)
في الآيات السابقة كان الكلام حول نوح عليهالسلام وأمّا الآن فالحديث عن هود عليهالسلام. يقول سبحانه في الآية الاولى من هذه القصة : (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا). ونلاحظ في الآية أنّها وصفت هوداً بكونه «أخاهم».
وهذا التعبير جار في لغة العرب. حيث يطلقون كلمة أخ على جميع أفراد القبيلة لانتسابهم إلى أصل واحد ...
أو أنّ هذا التعبير يشير إلى أنّ معاملة هود لهم كانت أخوية بالرغم من كونه نبيّاً ، وهذه الحالة هي صفة الأنبياء جميعاً ، فهم لا يعاملون الناس من منطق الزعامة والقيادة أو معاملة أب لأبنائه ، بل من منطلق أنّهم إخوة لهم ....
معاملة خالية من أيّة شائبة وأيّ امتياز أو استعلاء.
كان أوّل دعوة هود ـ كما هو الحال في دعوة الأنبياء جميعاً ـ توحيد الله ونفي الشرك عنه (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ).
فهذه الأصنام ليست شركاءه ، ولا منشأ الخير أو الشر ، ولا يصدر منها أي عمل ، وأي افتراء أعظم وأكبر من نسبتكم كل هذا المقام والتقدير لهذه الموجودات «الأصنام» التي لا قيمة لها إطلاقاً.
ثم يضيف هود قائلاً لقومه : لا تتصوروا أنّ دعوتي لكم من أجل المادة ، فأنا لا اريد منكم أيّ أجر (يَا قَوْمِ لَاأَسَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا). فأجري وحده على من فطرني ووهبني