ولده مما وعد الله به في نجاة أهله ، لذلك توجه إلى الله معتذراً مستغفراً و (قَالَ رَبّ إِنّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ).
في العيون عن الرضا عليهالسلام : «كيف يقرأون هذه الآية؟» قيل : من الناس من يقرأ : أنّه عمل غير صالح ومنهم من يقرأ : أنّه عمل غير صالح فمن قرأ أنّه عمل غير صالح نفاه عن أبيه ، فقال عليهالسلام : «كلّا لقد كان إبنه ، ولكن لمّا عصى الله نفاه عن أبيه ، كذا من كان منّا لم يطع الله فليس منّا».
(قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٨) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (٤٩)
هبوط نوح بسلام : هاتان الآيتان هما نهاية الآيات التي تتحدث عمّا جاء في نوح وقصته المليئة بالدروس والعبر في سورة هود ، وفيهما إشارة إلى هبوط نوح عليهالسلام من سفينته وعودة الحياة والعيش الطبيعي على الأرض. يقول القرآن في الآية الاولى من هاتين الآيتين : (قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلمٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ).
لا شك أنّ الطوفان كان قد دمّر كل آثار الحياة ... فالأراضي العامرة والمراتع الخُضر والغابات النضرة كلها ابيدت ، فالحالة كانت تنذر بأزمة خانقة لنوح وأصحابه بالنسبة للمعاش والغذاء ، لكن الله سبحانه طمأن هذه الجماعة المؤمنة إزاء البركات الإلهية والسلامة وأنّ كل ذلك سيكون مهيّأً وموفّراً لهم فلا ينبغي الحزن على شيء ...
ثم يضيف القرآن مخاطباً نوحاً أنّه ستعقب الامم التي معك امم من نسلها ، ولكن هذه الامم ستغتر وتغفل عن نعم الله فتنال جزاءها من الله (وَأُمَمٌ سَنُمَتّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٍ).
وفي آخر آية تختم بها قصة نوح ـ في هذه السورة ـ إشارة كلية عامة إلى ما حدث في عهد نوح فتقول : (تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذَا).
فالخطاب هنا للنبي محمّد صلىاللهعليهوآله يؤكّد عليه أن يصبر ويستقيم كما صبر واستقام نوح عليهالسلام