المشاكل في حياته إلى أمر ما ، فجماعة يعتمدون على الثروة والمال ، وجماعة على المقام والمنصب ، وجماعة يلجأون إلى القدرة الجسمية ، وآخرون إلى أفكارهم .. ولكن ـ كما تخبرنا الآيات المتقدمة ويرينا التاريخ ـ لا أحد من هؤلاء يستطيع أن يقاوم أدنى مقاومة أمام أمر الله وقدرته ، حيث يكون مثله كمثل خيط العنكبوت يتلاشى أمام هبوب الرياح الشديدة.
فابن نوح لغروره وغفلته كان غارقاً في مثل هذا الوهم ، وظن أنّ الجبل سيعصمه من طوفان غضب الله ويحميه ولكن موجة واحدة من ذلك الطوفان المتلاطم كشفت سراب ظنّه وأنهت حياته.
٤ ـ سفينة النجاة : وردت روايات كثيرة عن النبي صلىاللهعليهوآله تعبر عن أهل بيته ـ وهم الأئمة الطاهرون وحملة الإسلام ـ بأنّهم «سفينة النجاة». أي أنّه حين يطغى الطوفان الفكري والعقائدي والاجتماعي في المجتمع الإسلامي ، فإنّ طريق النجاة الوحيد هو الإلتجاء إلى مذهب أهل البيت عليهمالسلام.
(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٤٤)
نهاية الحادث : كان نوح عليهالسلام قد أودع زمام السفينة بيد الله سبحانه ، وكانت الأمواج تتقاذف السفينة في كل صوب ، وفي روايات استمرت هذه الحال ستة أشهر تماماً (من بداية شهر رجب حتى نهاية شهر ذي الحجة) وعلى رواية (من عاشر شهر رجب حتى عاشر محرّم) وطافت السفينة نقاطاً متعددة من الأرض ، وطبقاً لما جاء في بعض الرّوايات أنّها سارت على أرض مكّة وحول الكعبة.
وأخيراً صدر الأمر الإلهي بانتهاء العقاب وأن ترجع الأرض إلى حالتها الطبيعية ، والآية ـ محل البحث ـ تبيّن هذا الأمر وجزئياته ونتيجته في عبارات وجيزة جدّاً ، وفي الوقت ذاته بليغة وأخّاذة ، وقد جاءت الآية في جمل ست :
١ ـ (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِى مَاءَكِ) صدر الأمر للأرض أن تبلع الماء.
٢ ـ (وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِى) وصدر الأمر للسماء أن لا تمطري.
٣ ـ (وَغِيْضَ الْمَاءُ) ونزل الماء في جوف الأرض.
٤ ـ (وَقُضِىَ الْأَمْرُ) انتهى حكم الله.