التعصب والأنانية وعبادة الذات ، فقدوا بصرهم وسمعهم للحقيقة البيّنة ، فلا يستطيعون ادراك الحقائق المرتبطة بعالم الغيب ، وتأثير الإيمان ، والتلذذ بعبادة الله ، وعظمة التسليم لأمره.
هؤلاء الأفراد يعيشون أبداً عمياناً صمّاً في ظلام مطبق وسكوت مميت ... في حين أنّ المؤمنين الصادقين يرون كل حركة بأعين بصيرة ، ويسمعون كل صوت بآذان سميعة ، وبالتوجه إلى طريقهم يكون مصيرهم «السعادة».
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٥) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٢٦) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (٢٧) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) (٢٨)
قصّة نوح المثيرة مع قومه : تقدم أنّ هذه السورة تحمل بين ثناياها قصص الأنبياء السابقين وتاريخهم ، في البداية تذكر قصّة نوح عليهالسلام وهو أحد الأنبياء أولي العزم ، وضمن (٢٦) آية تُرسم النقاط الأساسية لتاريخه المثير ... والآيات المتقدمة تبيّن بداية هذه الدعوة العظيمة فتقول : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنّى لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ).
وفي الآية الاخرى يُلخّص محتوى رسالته في جملة واحدة ويقول : رسالتي هي (أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ). ثم يعقب دون فاصلة بالإنذار والتحذير مرّة اخرى : (إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ).
إنّ مسألة التوحيد والعبودية لله الواحد الأحد هي أساس دعوة الأنبياء جميعاً ، فإذا كان جميع أفراد المجتمع موحدون ولا يعبدون إلّاالله ، ولا ينقادون للأوثان الوهمية الخارجية منها والداخلية من قبيل الأنانية والهوى والشهوات والمقام والجاه والنساء والبنين فلا يبقى أثر للسلبيات والخبائث في المجتمع البشري.
فلننظر الآن أوّل ردّ فعل من قبل الطواغيت واتّباع الهوى والمترفين وامثالهم إزاء إنذار الأنبياء ، كيف كان وماذا كان؟!