ثم يبيّن ما ينتظرهم من مستقبل مشؤوم يوم القيامة حين يُعرضون على محكمة العدل الإلهي (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبّهِمْ). حينئذ يشهد «الأشهاد» على أعمالهم وأنّ هؤلاء هم الذين كذبوا على الله العظيم الرحيم وولي النعمة ....
(وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبّهِمْ) ثم ينادون بصوت عال (أَلَا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).
والآية التي بعدها تبيّن صفات الظالمين في ثلاث جمل :
الاولى تقول : إنّهم يمنعون الناس بمختلف الأساليب عن سبيل الله (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللهِ) فمرّة عن طريق إلقاء الشُبهة ، ومرّة بالتهديد ، وأحياناً عن طريق الإغراء والطمع ، وجميع هذه الأساليب ترجع إلى أمر واحد ، وهو الصدّ عن سبيل الله.
الثانية تقول : إنّهم يسعون في أن يُظهروا سبيل الله وطريقه المستقيم عوجاً (وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا). أي بأنواع التحريف من قبيل الزيادة أو النقصان أو التّفسير بالرأي وإخفاء الحقائق حتى لا تتجلى الصورة الحقيقية للصراط المستقيم. ولا يستطيع الناس وطلاب الحق السير في هذا الطريق.
والثالثه تقول : إنّهم لا يؤمنون بيوم النشور والقيامة (وَهُم بِالْأَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ).
وعدم إيمانهم بالمعاد هو أساس الانحرافات.
في الآية التالية يبيّن أنّ هؤلاء لا يستطيعون الهرب من عقاب الله في الأرض ولا أن يخرجوا من سلطانه (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِى الْأَرْضِ) كما أنّهم لا يجدون وليّاً وحامياً لهم غير الله (وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ).
وأخيراً يشير سبحانه إلى عقوبتهم الشديدة حيث تكون مضاعفة : (يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ).
لماذا؟! لأنّهم كانوا ضالين ومخطئين ومنحرفين ، وفي الوقت ذاته كانوا يجرّون الآخرين إلى هذا السبيل ، فلذلك سيحملون أوزارهم وأوزار الآخرين ، دون التخفيف عن الآخرين من أوزارهم (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ) (١).
وفي ختام الآية يبيّن الله سبحانه أساس شقاء هؤلاء بقوله : (مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ).
__________________
(١) سورة العنكبوت / ١٣.