في الدرّ المنثور ـ في تفسير هذه الآيات ـ عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : «إذا كان يوم القيامة صارت امتي ثلاث فرق : فرقة يعبدون الله خالصاً ، وفرقة يعبدون الله رياءً ، وفرقة يعبدون الله يصيبون به دنيا.
فيقول للذي كان يعبد الله للدنيا : بعزّتي وجلالي ، ما أردت بعبادتي؟ فيقول : الدنيا. فيقول : لا جرم لا ينفعك ما جمعت ولا ترجع إليه ، انطلقوا به إلى النار.
ويقول للذي يعبد الله رياءً : بعزّتي وجلالي ، ما أردت بعبادتي؟ قال : الرياء. فيقول : إنّما كانت عبادتك التي كنت ترائي بها لا يصعد إليّ منها شيء ولا ينفعك اليوم ، انطلقوا به إلى النار.
ويقول للذي كان يعبد الله خالصاً : بعزّتي وجلالي ، ما أردت بعبادتي؟ فيقول : بعزّتك وجلالك لأنت أعلم به منّي ، كنت أعبدك لوجهك ولدارك ، قال : صدق عبدي ، انطلقوا به إلى الجنة».
(أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) (١٧)
هناك أقوال كثيرة ـ في تفسير الآية أعلاه ـ ولكن تفسير منها أشد وضوحاً. في بداية الآية يقول الحق سبحانه : (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيّنَةٍ مّن رَّبّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ). أي من الله تعالى : (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً). أي التوراة التي تؤيّد صدقه وعظمته ، مثل هذا الشخص هل يستوي ومن لا يتمتع بهذه الخصال والدلائل البينة؟
هذا الشخص هو النبي صلىاللهعليهوآله ودليله الواضح هو القرآن المجيد ، والشاهد المصدق بنبوته كل مؤمن حق أمثال علي عليهالسلام ومن قَبلُ وردت صفاته وعلائمه في التوراة ، فعلى هذا ثبتت دعوته عن طرق ثلاثة حقة واضحة.
الأوّل : القرآن الكريم الذي هو بيّنة ودليل واضح في يده.
الثاني : الكتب السماوية التي سبقت نبوّته وأشارت إلى صفاته بدقّة ، وأتباع هذه الكتب السماوية في عصر النبي كانوا يعرفونه حقّاً ، ولهذا السبب كانوا ينتظرونه.
والثالث : أتباعه وأنصاره المؤمنون المضحّون الذين كانوا يبيّنون دعوته ويتحدثون عنه.
ومع وجود هذه الدلائل الحيّة ، هل يمكن أن يقاس مع غيره من المدّعين ، أم هل ينبغي التردد في صدق دعوته؟!