فيكفرون بالله ، بل إنّ أرواحهم الكبيرة وافكارهم السليمة جعلتهم يهضمون النعم والبلايا في أنفسهم دون الغفلة عن ذكر الله وأداء مسؤولياتهم ولذلك فإنّ لهؤلاء ثواباً ومغفرة من الله (أُولئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
الامة المعدودة وأصحاب المهدي عليهالسلام : في روايات عديدة وصلتنا عن أهل البيت عليهمالسلام أنّ الامة المعدودة تعني النفر القليل ، وفيها إشارة إلى أصحاب المهدي عليهالسلام وأنصاره.
ولكن أنّ ظاهر الآية من الامة المعدودة هو الزمان المعدود والمعين ، وقد وردت رواية عن الإمام علي عليهالسلام في تفسير الامة المعدودة تشير إلى ما بيناه ، وهو الزمان المعين ، فيمكن أن تكون الروايات الآنفة تشير إلى المعنى الثاني من الآية ، وهو ما اصطلح عليه ب «بطن الآية».
(فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (١٤)
سبب النّزول
وردت في شأن نزول الآيات المتقدمة روايتان ، ويحتمل أن تكون كليهما صحيحتين جميعاً. الاولى : في تفسير مجمع البيان روي عن ابن عباس : إنّ رؤساء مكة من قريش ، أتوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا محمّد! إن كنت رسولاً فحوّل لنا جبال مكة ذهباً أو ائتنا بملائكة يشهدون لك بالنبوة. فأنزل الله تعالى (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ) الآية. والثانية : روي العياشي عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لعلي عليهالسلام : «إنّي سألت ربّي أن يوالي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربّي أن يؤاخي بيني وبينك ففعل ، وسألت ربّي أن يجعلك وصيي ففعل». فقال رجلان من قريش : والله لصاع من تمر في شنّ بال أحبّ إلينا مما سأل محمّد ربّه ، فهلا سأله مُلكاً يعضده على عدوه ، أو كنزاً يستعين به على فاقته. فنزلت الآية.