(قُلِ انْظُرُوا مَا ذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٣)
الموعظة والنصيحة : كان الكلام في الآيات السابقة عن أنّ الإيمان يجب أن يكون اختيارياً لا بالجبر والاكراه ، ولهذا فإن الآية الاولى هنا ترشد الناس إلى الإيمان الاختياري ، وتخاطب النبي صلىاللهعليهوآله فتقول : (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِى السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
إنّ هذه الجملة تنفي بوضوح مسألة الجبر وسلب حرية الإرادة ، فهي تقول : إنّ الإيمان هو نتيجة التدبر في عالم الخلقة ، أي إنّ هذا الأمر في اختياركم.
ثم تضيف أنّه رغم كل هذه الآيات والعلامات الدالة على الحق ، فلا داعي للعجب من عدم إيمان البعض ، لأنّ الآيات والدلالات والإنذارات تنفع الذين لهم الإستعداد لتقبل الحق ، أمّا هؤلاء فإنّه (وَمَا تُغْنِى الْأَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَايُؤْمِنُونَ) (١).
ثم تقول ـ بنبرة التهديد المتلبسة بلباس السؤال والإستفهام ـ : هل ينتظر هؤلاء المعاندون الكافرون إلّاأن يروا مصيراً كمصير الأقوام الطغاة والمتمردين السابقين الذين عمهم العقاب الإلهي ، مصير كمصير الفراعنة والنماردة وشدّاد وأعوانهم وأنصارهم؟! (فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ).
وتحذرهم الآية أخيراً فتقول : يا أيّها النبي (قُلْ فَانتَظِرُوا إِنّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ). فأنتم بانتظار هزيمة دعوة الحق ، ونحن بانتظار المصير المشؤوم الذي ستلاقونه ، مصير المتكبرين الماضين.
ومن أجل أن لايتوهم متوهم أنّ الله سبحانه يصيب بعذابه الصالح والطالح ، تضيف الآية : إنّنا إذا ما تحققت مقدمات نزول العذاب على الأمم السابقة ، نقوم بانقاذ عبادنا الصالحين : (ثُمَّ نُنَجّى رُسُلَنَا وَالَّذِينَءَامَنُوا).
__________________
(١) «نذر» : جمع نذير ، أي المنذر ، وهو كنايه عن الأنبياء والقادة الإلهيين أو هي جمع إنذار ، بمعنى تحذير وتهديد الغافلين والمجرمين الذي هو من برامج هؤلاء القادة الإلهيين.