مساجد قلوبكم وإلا لتشوّش وقتكم بظهورها.
[١٨٨] (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨))
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ) معارفكم ومعلوماتكم (بَيْنَكُمْ) بباطل شهوات النفس ولذاتها بتحصيل مآربها واكتساب مقاصدها الحسيّة والخيالية باستعمالها (وَتُدْلُوا بِها) وترسلوا إلى حكّام النفوس الأمّارة بالسوء (لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ) القوى الروحانية (بِالْإِثْمِ) أي : بالظلم لصرفكم إياها في ملاذ القوى النفسانية (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّ ذلك إثم ووضع للشيء في غير موضعه.
[١٨٩ ـ ١٩٠] (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩) وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (١٩٠))
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) أي : عن الطوالع القلبية عند إشراق نور الروح عليها (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) أي : أوقات وجوب المعاملة في سبيل الله وعزيمة السلوك ، وطواف بيت القلب ، والوقوف في مقام المعرفة (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا) بيوت قلوبكم (مِنْ ظُهُورِها) من طرق حواسكم ومعلوماتكم المأخوذة من المشاعر البدنية فإنّ ظهر القلب هو الجهة التي تلي البدن (وَلكِنَّ الْبِرَّ) برّ (مَنِ اتَّقى) شواغل الحواس وهواجس الخيال ووساوس النفس (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) الباطنة التي تلي الروح والحق ، فإنّ باب القلب هو الطريق الذي انفتح منه إلى الحق (وَاتَّقُوا اللهَ) في الاشتغال بما يشغلكم عنه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ* وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) من الشيطان وقوى النفس الأمّارة (وَلا تَعْتَدُوا) في قتالها بأن تميتوها عن قيامها بحقوقها والوقوف على حدودها حتى تقع في التفريط والقصور والفتور (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) لكونهم خارجين عن ظلّ المحبة والوحدة الذي هو العدالة.
[١٩١ ـ ١٩٣] (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (١٩١) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٢) وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٩٣))
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ) وجدتموهم أزيلوا حياتهم وامنعوهم عن أفعالها بقمع هواها الذي هو روحها حيث كانوا (وَأَخْرِجُوهُمْ) من مكة الصدر عند استيلائها عليها كما أخرجوكم عنها