سورة آل عمران
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٧] (الم (١) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (٢) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣) مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (٤) إِنَّ اللهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ (٥) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ (٧))
(الم* اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) مرّ تأويله (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي : رقّاك رتبة فرتبة ، ودرجة فدرجة ، بتنزيل الكتاب عليك منجما إلى العلم التوحيدي الذي هو الحق باعتبار الجمع المسمّى بالعقل القرآني (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من التوحيد الأزليّ السابق المعلوم في العهد الأول المخزون في غيب الاستعداد (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ) هكذا ثمّ (أَنْزَلَ الْفُرْقانَ) أي : التوحيد التفصيليّ الذي هو الحق باعتبار الفرق المسمّى بالعقل الفرقانيّ ، وهو منشأ الاستقامة ومبدأ الدعوة (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : احتجبوا عن هذين التوحيدين بالمظاهر والأكوان التي هي آيات التوحيد في الحقيقة (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) في البعد والحرمان (وَاللهُ عَزِيزٌ) أي : قاهر (ذُو انْتِقامٍ) لا يقدر وصفه ولا يبلغ كنهه ولا يقدر على مثله ، منتقم (لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ) في العالمين ، فيعلم مواقع الانتقام (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) سمت من أن يتطرق إليها الاحتمال والاشتباه لا يحتمل إلا معنى واحدا (هُنَّ أُمُ) أي : أصل (الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) تحتمل معنيين فصاعدا ويشتبه فيها الحق والباطل ، وذلك أنّ الحق تعالى له وجه هو الوجه المطلق الباقي بعد فناء الخلق لا يحتمل التكثر والتعدّد ، وله وجوه متكثرة إضافية متعدّدة بحسب مرائي المظاهر. وهي ما يظهر بحسب استعداد كل مظهر فيه من ذلك الوجه الواحد ، يلتبس فيها الحق بالباطل ، فورد التنزيل كذلك لتنصرف المتشابهات إلى وجوه الاستعدادات فيتعلق كل بما يناسبه ، ويظهر الابتلاء والامتحان. فأمّا العارفون المحققون الذين يعرفون الوجه الباقي في أية صورة وأي شكل كان ، فيعرفون الوجه الحق من الوجوه التي تحتملها المتشابهات فيردونها إلى المحكمات متمثلين بمثل قول الشاعر :
وما الوجه إلا واحد غير أنه |
|
إذا أنت أعددت المزايا تعدّدا |