سورة الأنفال
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١] (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١))
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ) احتجبوا بأفعالهم فاعترضوا على فعل الله ورسوله ، أي : فعل الله في مظهر الرسول ، فأمروا بتقوى الأفعال ، أي : الاجتناب عنها برؤية فعل الله ، وإصلاح ذات البين بمحو صفات النفوس التي هي مصادر أفعالهم الموجبة للتنازع والتخالف حتى يرجعوا إلى الألفة والمحبة القلبية بظهور أنواع الصفات (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) بفناء صفاتها ليتيسر لكم قبول الأمر بالإرادة القلبية.
[٢] (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢))
(إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الإيمان الحقيقي (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) بالإيمان الحقيقي (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ) ذكر الصفات الذي للقلب لا ذكر الأفعال الذي للنفس (وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) تأثرت بتصوّر العظمة والبهاء والقهر والكبرياء وإشراق أنوار تجليات تلك الصفات عليها (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ) أي : جليت عليهم صفاته في المظاهر الكلامية (زادَتْهُمْ إِيماناً) حقيقيا بالترقي عن مقام العلم إلى العين (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) أي : يصححون مقام التوكل بفناء الأفعال ويتممونه في مقام فناء الصفات. فإن تصحيح كل مقام إنما يتم بالترقي عنه والنظر إليه من مقام فوقه.
[٣ ـ ٤] (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤))
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ) صلاة الحضور القلبي بمشاهدة الصفات والترقي فيها بتجلياتها (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من علوم التوكل في مقام فناء الأفعال أو علوم تجليات الصفات في السير فيها (يُنْفِقُونَ) بالعمل بها والإفاضة على مستحقيها.
(أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) الإيمان الحقيقي (لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) من مراتب الصفات وروضات جنّات القلب (وَمَغْفِرَةٌ) من ذنوب الأفعال (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) من باب تجليات الصفات وعلومها.
[٥ ـ ٨] (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ (٥)