سبيله في البحر على ما قيل. وفتى النفس يقظان ، فأنسى شيطان الوهم الذي زيّن الشجرة لآدم ذكر النفس الحوت لموسى لكون الحال حال ذهول والسبيل المتعجب منه هو السرب المذكور.
[٦٤ ـ ٦٩] (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً (٦٤) فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً (٦٥) قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (٦٦) قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٦٧) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً (٦٨))
(قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (٦٩) قالَ ذلِكَ) أي : تملص الحوت واتخاذه سبيله الذي كان عليه في جبلته (ما كُنَّا) نطلبه ، لأن هناك مجمع البحرين الذي وعد موسى عنده بوجود من هو أعلم منه ، إذ الترقي إلى الكمال بمتابعة العقل القدسي لا يكون إلا في هذا المقام (فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما) في الترقي إلى مقام الفطرة الأولى كما كانا أولا يقصّان (قَصَصاً) أي : يتبعان آثارهما عند الهبوط في الترقي إلى الكمال حتى وجد العقل القدسي ، وهو عبد من عباد الله مخصوص بمزية عناية ورحمة (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) أي : كمالا معنويا بالتجرّد عن المواد والتقدّس عن الجهات. والنورية المحضة التي هي آثار القرب والعندية (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) من المعارف القدسية والحقائق الكلية اللدنية بلا واسطة تعليم بشريّ. وقوله : (هَلْ أَتَّبِعُكَ) هو ظهور إرادة السلوك والترقي إلى الكمال (إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) لكونك غير مطلع على الأمور الغيبية والحقائق المعنوية لعدم تجرّدك واحتجابك بالبدن وغواشيه ، فلا تطيق مرافقتي ، وهذا معنى قوله : (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) لقوّة استعدادي وثباتي على الطلب (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) لتوجهي نحوك وقبولي أمرك ، لصفائي وصدق إرادتي. والمقاولات كلها بلسان الحال.
[٧٠ ، ٧١] (قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً (٧٠) فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَها قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً (٧١))
(فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي) في سلوك طريق الكمال (فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ) أي : عليك بالاقتداء والمتابعة في السير بالأعمال والرياضات والأخلاق والمجاهدات ، ولا تطلب الحقائق والمعاني (حَتَّى) يأتي وقته ، ف (أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ) أي : من ذلك العلم (ذِكْراً) وأخبرك بالحقائق الغيبية عند تجرّدك بالمعاملات القالبية والقلبية (فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا رَكِبا) في سفينة البدن البالغ إلى حدّ الرياضة الصالح للعبودية إلى العالم القدسي في بحر الهيولى للسير إلى الله (خَرَقَها) أي : نقصها بالرياضة وتقليل الطعام وأضعف إحكامها وأوقع الخلل في نظامها وأوهنها (قالَ