لا يرفعان نزاعا بدون قيّم ، كيف وكل فرقة من الثلاثة والسبعين تحتج بهما لمذهبها (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) فانّ من أبى ذلك لا ايمان له (ذلِكَ) أي الرد (خَيْرٌ) لكم من التنازع والقول بالرأي والتّشهّي (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) مآلا.
أو احسن تأويلا من تأويلكم بلا ردّ.
[٦٠] ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) خاصم منافق يهوديا فدعاه اليهودي الى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ليحكم بينهما ، ودعاه المنافق الى كعب بن الأشرف ، فنزلت.
فالطاغوت «كعب» وكل من يحكم بغير الحق سمّي بذلك لفرط طغيانه ، أو لتشبيهه بالشيطان ، أو لأن التحاكم اليه تحاكم الى الشيطان لقوله : (وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً) عن الحق.
[٦١] ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ) في القرآن من الحكم (وَإِلَى الرَّسُولِ) ليحكم به (١) (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ) حال. أي : يعرضون (عَنْكَ) الى غيرك (صُدُوداً).
[٦٢] ـ (فَكَيْفَ) يصنعون (إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ) عقوبة (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) من النّفاق والصدّ عنك (ثُمَّ جاؤُكَ) بعد ذلك عطف على «أصابتهم» أو «يصدّون» وما بينهما اعتراض (يَحْلِفُونَ بِاللهِ) حال (إِنْ أَرَدْنا) ما أردنا بالتحاكم الى غيرك (إِلَّا إِحْساناً) تخفيفا عنك او صلحا بين الخصمين دون الحكم الموروث للضغائن (وَتَوْفِيقاً) تأليفا بينهما بالتوسط دون الحمل على مرّ الحق ، ولم نرد مخالفتك.
[٦٣] ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ) من النفاق (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) لا تعاقبهم لمصلحة في استبقائهم (وَعِظْهُمْ) بلسانك (وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ) في شأنها ، أو خاليا بهم ، إذ النصح سرّا أنجع (قَوْلاً بَلِيغاً) بالغا منهم مؤثرا فيهم ، وهو
__________________
(١) في «د» : ليحكم بينهم.