والمداولة كالمعاودة ، يقال : داولت الشيء بينهم فتداولوا ، (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) المعلل محذوف ، أي : وليتميّز الثابتون على الإيمان ممّن على حرف (١) فعلنا ذلك ، وليس المراد اثبات علمه تعالى ، بل إثبات متعلقه ، أو المعنى : ليعلمهم علما يتعلّق بالجزاء ، وهو العلم بالشيء موجودا ، أو عطف على علة محذوفة ، أي : نداولها لحكم ، وليعلم الله إيذانا بأن المصلحة فيه غير واحدة ، وان فيما يصيبهم مصالح لا يعلمونها (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) ويكرم بعضكم بالشهادة يعني : شهداء أحد ، أو : يتخذ منكم شهودا موثقين بصبرهم في الابتلاء (وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) اعتراض يفيد بأنه تعالى لا ينصر الكافرين على الحقيقة ، وانما يمكّنهم أحيانا استدراجا لهم وابتلاء للمؤمنين.
[١٤١] ـ (وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) ليخلصهم من الذنوب إن كانت الدولة عليهم (وَيَمْحَقَ) ويهلك (الْكافِرِينَ) ان كانت عليهم ، والمحق : فناء الشيء حالا فحالا.
[١٤٢] ـ (أَمْ) : بل أ(حَسِبْتُمْ) وهو الإنكار (أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ) ولمّا تجاهدوا ، أريد بنفي العلم ، نفي متعلقه ، إذ لو وقع لعلمه تعالى. و «لما» ك «لم» مع تضمنه توقع الفعل فيما يستقبل (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) نصب بإضمار «إن» على أن الواو للجمع.
[١٤٣] ـ (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) بالشهادة ، خطاب لمن لم يشهدوا بدرا ، وتمنّوا ان يحضروا مشهدا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليكرموا بالشّهادة كشهداء «بدر» فألحوا يوم «احد» في الخروج (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ) من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدّته (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) رأيتموه معاينين له ، حين قتل من قتل منكم.
__________________
(١) الذي ورد ذكرهم في قوله تعالى : «ومن النّاس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأنّ به وإن اصابته فتنة انقلب على وجهه ...» (سورة الحج : ٢٢ / ١١).