ونحوها إذ قالوا : لسنا أوّل من حرمت عليه وقد كانت محرّمة على نوح وابراهيم ومن بعده حتى انتهى التحريم إلينا.
وردّ لمنعهم النّسخ وإنكارهم دعوى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم موافقة ابراهيم عليهالسلام في تحليل لحوم الإبل (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أمر بتبكيتهم بما في كتابهم من أنه تحريم حادث بظلمهم لا قديم ، فلم يجسروا أن يأتوا بها ، وفيه حجة على صدقة.
[٩٤] ـ (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) بزعمه أنّ تحريم ذلك قديم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الذي لزمهم من الحجة (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بمكابرة الحق الواضح.
[٩٥] ـ (قُلْ صَدَقَ اللهُ) تعريض بكذبهم ، أي : ثبت أنه صادق فيما أنزل ، وأنتم الكاذبون (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ملّة الإسلام التي هي مثل ملّة ابراهيم لتتخلصوا من اليهودية التي حملتكم على التحريف ، وألزمتكم تحريم طيّبات احلّت لإبراهيم وأتباعه (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تعريض بشركهم.
[٩٦] ـ (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) جعل متعبّدا لهم ، والواضع هو الله تعالى ـ لقراءة البناء للفاعل ـ (لَلَّذِي) للبيت الذي (بِبَكَّةَ) لغة في «مكة».
وقيل : موضع المسجد.
وبكة : البلد ، (١) من البك ، أي : الزحم ، أو : الدقّ للازدحام فيها ودقّها أعناق العتاة.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أول مسجد وضع ، المسجد الحرام ، ثم بيت المقدس. (٢)
وعن عليّ عليهالسلام : «كان قبله بيوت لكنه أول بيت وضع للعبادة» (٣) وأول من بناه
__________________
(١) نقل هذا القول البيضاوي في تفسيره ٢ : ٣١.
(٢ ـ ٣) تفسير مجمع البيان ١ : ٤٧٧.