أي : لا الكافّين ، فتكون منسوخة ب (قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) (١) أو : أريد بهم من يتوقّع منهم القتال ليخرج الشّيوخ والصّبيان والنّساء فلا نسخ ، أو : أهل مكة.
روي أنّهم صدّوا الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عام الحديبيّة وصالحوه على أن يرجع من قابل ، فيخلوا له مكّة ثلاثة أيّام ، فرجع لعمرة القضاء وخاف المسلمون ألّا يفوا لهم ، ويقاتلوهم في الحرم والشّهر الحرام ، وكرهوا ذلك ، فنزلت (٢) (وَلا تَعْتَدُوا) بابتداء القتال ، أو : بقتال من نهيتم عن قتاله ، أو : بالمثلة ، أو : بالمفاجاة بدون دعوة (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) : لا يريد لهم الخير.
[١٩١] ـ (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) : وجدتموهم ، في حلّ أو حرم (وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) وقد فعل بمن لم يسلم يوم الفتح (وَالْفِتْنَةُ) أي : البلاء الذي يحلّ بالإنسان ـ كالإخراج من الوطن ـ (أَشَدُّ) : أصعب (مِنَ الْقَتْلِ) أو : شركهم في الحرم أشدّ من قتلكم إيّاهم الذي عابوكم به (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) لابتدائهم بالقتال عنده وهتك حرمته (فَإِنْ قاتَلُوكُمْ) : بدؤكم به. (فَاقْتُلُوهُمْ) ولا تبالوا ، فإنّهم الّذين هتكوا حرمته. وقرأ «حمزة» و «الكسائي» : «ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم» ـ بإرادة البعض ـ (٣) (كَذلِكَ) الجزاء (جَزاءُ الْكافِرِينَ) يفعل بهم كفعلهم.
[١٩٢] ـ (فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الكفر والقتال (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر ما أسلفوا.
[١٩٣] ـ (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) : شرك (وَيَكُونَ الدِّينُ) خالصا (لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا) عن الشّرك (فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) فلا عقوبة عليهم ، وإنّما هي على الكافرين. وسمّي جزاء الظالم ظلما : للمشاكلة ك «اعتدوا عليه». (٤)
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٣٦.
(٢) رواه ابن عباس كما في تفسير مجمع البيان ١ : ٢٨٤.
(٣) حجة القراءات : ١٢٧.
(٤) في قوله تعالى : «فاعتدوا عليه» (الآية ١٩٤ من هذه السورة).