حين قالوا : إن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهوديّة أو : خطاب للمؤمنين ، أي : ما شهدتم ذلك وإنّما علمتموه من الوحي (ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي) أيّ شيء تعبدونه؟ و «ما» عامّ في كل شيء ما لم يعلم ، فإذا علم وسئل عن تعيينه خصّ العقلاء [ب «من»] ، (١) وإن سئل عن وصفه قيل : ما زيد أكاتب أم شاعر؟ (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) عطف بيان ل «آبائك». وعدّ «إسماعيل» منهم لأنّ العمّ يسمى أبا ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم في العبّاس : «ردّوا عليّ أبي» (٢) (إِلهاً واحِداً) بدل من «إله آبائك» للتصريح بالتّوحيد ، ورفع توّهم ينشأ من تكرير المضاف ، أو نصب على الإختصاص (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) حال من فاعل «نعبد» أو مفعوله أو : منهما ، أو : اعتراض.
[١٣٤] ـ (تِلْكَ) أي : إبراهيم ويعقوب وبنوهما (أُمَّةٌ) جماعة (قَدْ خَلَتْ) مضت (لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ) لكلّ جزاء عمله ، لا ينتفع احد بكسب غيره (وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) لا تؤاخذون بمعاصيهم ، كما لا تثابون بطاعاتهم.
[١٣٥] ـ (وَقالُوا) أي : أهل الكتاب (كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى) أي : قالت اليهود : كونوا هودا ، وقالت النصارى : كونوا نصارى (تَهْتَدُوا) جواب «كونوا». (قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) أي : بل نتّبع ملّة إبراهيم ، أو نكون أهل ملّته (حَنِيفاً) مائلا عن الباطل إلى الحقّ ، حال من المضاف إليه (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) تعريض بأهل الكتاب وغيرهم ؛ إذ ادّعوا اتباعه وهم مشركون.
[١٣٦] ـ (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) خطاب للمؤمنين (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) القرآن (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) صحف «إبراهيم» فإنّها منزلة إليهم ؛ لأنّهم متعبّدون بما فيها ـ كما أنّ القرآن منزل إلينا.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين ليس في «الف» و «ب» ، و «د».
(٢) تفسير مجمع البيان ١ : ٢١٤ وتفسير الكشّاف ١ : ٣١٤.