أو : النّصب بالاستثناء. (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ) : اخترناه للرسالة (فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) المستقيمين على الخير ، ومن كان كذلك كان حقيقا بالاتّباع لا يرغب عنه إلّا سفيه ، نزلت حين دعا «عبد الله بن سلام» ابني أخيه «سلمة» و «مهاجرا» إلى الإسلام فأسلم «سلمة» وأبى «مهاجر». (١)
[١٣١] ـ (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ظرف ل «اصطفيناه» ، أو : نصب بإضمار : اذكر ذلك الوقت لتعلم أنّه المصطفى الصالح الّذي لا يرغب عن ملّته ، حيث بادر إلى التسليم والإخلاص حين ألهمه ربّه النظر في دلائله المؤدّية إلى المعرفة والإسلام.
[١٣٢] ـ (وَوَصَّى بِها) : بالملّة ، أو : كلمة «أسلمت» ، والتوصية : التقدّم إلى الغير بفعل فيه صلاح ، وأصلها : الوصل ، كأنّ الموصي يصل أمره بالوّصي. وقرأ «نافع» و «ابن عامر» : «وأوصى». (٢) (إِبْراهِيمُ بَنِيهِ) الأربعة : إسماعيل وإسحاق ، ومدين ، ومدان ، وقيل : أكثر (٣) (وَيَعْقُوبُ) أي : ووصىّ بها «يعقوب» بنيه الاثنى عشر : (يا بَنِيَ) بتقدير : القول ، أو : متعلّق ب «وصىّ» لأنّه بمعناه (إِنَّ اللهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ) : الإسلام ـ الذي هو صفوة الأديان ـ (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) نهى عن كونهم على خلاف حال الإسلام إذا ماتوا.
والتّعبير بالنّهي عن الموت على تلك الحالة للتنبيه على أنّ موتهم لا على الإسلام ، موت لا خير فيه ، وأنّ من حقّه أن لا يحلّ بهم.
[١٣٣] ـ (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ) «أم» منقلة ، والهمزة المقدرة للإنكار ، أي : ما كنتم حاضرين (إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ) بدل من «إذ حضر» رد على اليهود
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ١ : ٢١٢.
(٢) حجة القراءات : ١١٥.
(٣) تفسير البيضاوي ١ : ١٩٠.