تطويعها والتي تقيّد المقاتلين فتجعلهم وكأنّهم في قفص.
وهنا ملاحظة لابدّ وأن تؤخذ بنظر الإعتبار وهي أنّ داود عليهالسلام حينما كان يلين الحديد بيديه كان يرجّح صناعة المعدّات الدفاعية على الهجومية كالسيف مثلاً.
على أيّة حال فمع أنّ عدم الإلمام بصناعة آلية دفاعية مهمّة ومصيرية ، في حروب ذلك الزمان لم يكن بتلك الأهميّة ، بحيث يحدث خللاً في دعوة النبي الدينية ، لكن الله علّمه هذه الصنعة وبقيت رائجة بين الناس.
* * *
٢ ـ نقرأ فيما يتعلّق بسليمان عليهالسلام : (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ). (النمل / ١٦)
هذا في الواقع جزء من العلم العظيم الذي وهبه الله لداود وسليمان ، والذي جاء في الآية السابقة : (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً).
بديهي أنّ الإطّلاع على منطق الطير (محاورات الطيور) بأي معنىً كان ليس من شروط النبوّة ، وفي نفس الوقت فالقرآن يصرّح بأنّ الله تعالى كان قد وهب سليمان عليهالسلام علماً كهذا ، بل أشار أيضاً في آيتين لاحقتين إلى معرفة سليمان بمنطق النمل : (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ الَّنمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا الَّنمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَايَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ* فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ). (النمل / ١٨ ـ ١٩)
وكما نقرأ حوار سليمان مع الهدهد في الآيات اللاحقة كذلك : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِىَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ...). (النمل / ٢٠ ـ ٢٨)
مع أنّ هناك أبحاثاً كثيرة تبحث في تفسير هذه الآيات ، أنّه هل لهذه الطيور كالهدهد والحشرات كالنمل ذلك المستوى من العقل والشعور ، بحيث تدرك مفاهيم الكلمات