وبلغنا أنّه إنّما عوقب لأنّه إنّما خرج من قومه من غير أن يؤذن له بالخروج منهم. وإنّما خرج رجاء أن يخافوا فيؤمنوا.
ذكروا عن ابن عبّاس أنّه قال : في دجلة ركب السفينة ، وفيها التقمه الحوت ، ثمّ أفضى به إلى البحر ، ودار في البحر ، ثمّ رجع في دجلة ، فثمّ نبذه الله بالعراء ، وهو البرّ.
قوله عزوجل : (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) : أي ظلمة البحر وظلمة الليل وظلمة بطن الحوت. (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٨٧).
قال الله عزوجل : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ) : أي من ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر (وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (٨٨). ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : دعوة ذي النون التي دعا بها وهو في بطن الحوت (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) فإنّه لم يدع بها مسلم ربّه قطّ في شيء إلّا استجاب الله له (١). قوله عزوجل : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) : (٨٩) فاستجاب الله له.
قال الله عزوجل : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ) : قال بعضهم : كانت عاقرا فجعلها الله ولودا. وقال بعضهم : كان في لسانها طول. ووهب له منها يحيى.
قال الله عزوجل : (إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ) : أي في الأعمال الصالحات (وَيَدْعُونَنا رَغَباً) : أي طمعا (وَرَهَباً) : أي خوفا (وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) (٩٠) : [قال مجاهد : متواضعين] (٢).
قوله عزوجل : (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) : أي أحصنت جيب درعها ، أي عن الفواحش (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا). وذلك أنّ جبريل عليهالسلام تناول بأصبعه جيبها فنفخ فيه فصار (٣) إلى بطنها فحملت. قال عزوجل : (وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (٩١) : أي أنّها
__________________
(١) أخرجه أحمد في مسنده ، وأخرجه الترمذيّ في أبواب الدعوات ، وأخرجه النسائيّ ، والحاكم في المستدرك ، والبيهقيّ في الشعب عن سعد.
(٢) زيادة من سع ورقة ٣٦ ظ ، ومن تفسير مجاهد ص ٤١٥.
(٣) كذا في ب وع وفي سع : «فصار» وفي ز ورقة ٢١٧ : «فسار».