الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) : والكسف : القطعة. والكسف مذكّر ؛ والقطعة مؤنّثة ، والمعنى على القطعة. قال : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) : أي لعبرة (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٩) : وهو المقبل إلى الله بالإخلاص له.
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلاً) : يعني النبوّة (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) : أي سبّحي معه (١) (وَالطَّيْرَ) وهو قوله : (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) [الأنبياء : ٧٩].
قال : (وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) (١٠) : ألانه الله له ، فكان يعمل بلا نار ولا مطرقة بأصابعه الثلاث كهيئة الطين بيده (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ) : وهي الدروع (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) : أي لا تعظّم المسمار وتصغّر الحلقة فتنقسم الحلقة ، ولا تعظّم الحلقة وتصغّر المسمار فينكسر المسمار (٢).
وبلغنا أنّ لقمان حضر داود عند أوّل درع عملها ، فجعل يتفكّر فيما يريد بها ولا يدري ما يريد بها. فلم يسأله ؛ حتّى إذا فرغ منها داود قام فلبسها فقال لقمان : الصمت حكمة ، وقليل فاعله.
قال : (وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) : (١١) أي لا يغيب عن الله من أعمالهم شيء.
قوله : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) : أي وسخّرنا لسليمان الريح (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) : ذكر الحسن أنّه كان يغدو من بيت المقدس فيقيل بإصطخر ، فيروح منها فتكون روحته
__________________
ـ «يقول : أما يعلمون أنّهم حيثما كانوا ، فهم يرون بين أيديهم من الأرض والسماء مثل الذي خلفهم ، وأنّهم لا يخرجون منها. فكيف يأمنون أن نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم من السماء عذابا».
(١) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ، ص ٣٥٣ : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ) أي : سبّحي. وأصله : التأويب في السير ، وهو : أن تسير النهار كلّه وتنزل ليلا ... كأنّه أراد أوّبي النهار كلّه بالتسبيح إلى الليل». وقال الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٥٥ : وقرأ بعضهم : (أَوِّبِي مَعَهُ) من آب يؤوب ، أي : «تصرّفي معه». وقال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٣ ص ٥٧١ مفسّرا هذه القراءة الأخيرة : «أي : ارجعي معه في التسبيح كلما رجع فيه».
(٢) كذا في ب وع ، وفي سح ورقة ١٤١ ، وز ورقة ٢٧٥ : «لا تصغّر المسمار وتعظّم الحلقة فيسلس ، ولا تعظّم المسمار وتصغّر الحلقة فتفصم الحلقة». وقال الفرّاء ، ج ٢ ص ٣٥١ : «لا تجعل مسمار الدرع دقيقا فيقلق ولا غليظا فيفصم الحلق».