وأنفها (١). (ذلِكَ أَدْنى) : أي أجدر (أَنْ يُعْرَفْنَ) أنّهنّ حرائر مسلمات عفيفات (فَلا يُؤْذَيْنَ) : أي فلا يعرض لهنّ أحد بالأذى. وكان المنافقون هم الذين كانوا يتعرّضون النساء.
قال الكلبيّ : كانوا يلتمسون الإماء ، ولم تكن تعرف الحرّة من الأمة بالليل ، فتلقى نساء المؤمنين منهم أذى شديدا. فذكرن ذلك لأزواجهنّ ، فرفع ذلك إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فنزلت هذه الآية. وقال الحسن : كان أكثر من يصيب الحدود يومئذ المنافقون.
[ذكروا عن أنس بن مالك أنّ عمر بن الخطّاب رأى أمة عليها قناع فعلاها بالدّرّة وقال : اكشفي رأسك ولا تتشبّهي بالحرائر] (٢). قال الله : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٩).
ثمّ قال : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) : يعني الزنى (٣) (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) : يعني : المنافقون يرجفون بالنبيّ وأصحابه ؛ يقولون : يهلك محمّد وأصحابه. وقال الكلبيّ : (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) أي : لئن لم ينتهوا عن أذى نساء المؤمنين (٤). (لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) : أي لنسلّطنّك عليهم (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها) : أي في المدينة (إِلَّا قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) (٦١).
وقال : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) : أي كذلك كانت سنّة الله في منافقي كلّ أمّة إذا أظهروا نفاقهم. وهذا إذا أمر النبيّ بالجهاد. وقال بعضهم : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ) أي : من قبل قتل المنافقين ، أي : إن أظهروا نفاقهم وباينوا به ، وكذلك سنّته في منافقي أمّتك كسنّته في منافقي الأمم التي مضت قبلك. (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) (٦٢) : أي لا تبديل لسنّته في الأوّلين والآخرين.
__________________
(١) قال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٣ ص ٥٥٩ : «الجلباب ثوب واسع ، أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقي منه ما ترسله على صدرها». وعن ابن عبّاس رضي الله عنهما : «الرداء الذي يستر من فوق إلى أسفل». وقيل : الجلباب هو ما تغطّي به المرأة الثياب من فوق كالملحفة.
(٢) زيادة من سح ورقة ١٣٧ ، ومن ز ورقة ٢٧٤.
(٣) كذا في ب وع وسح : «الزنا» ، ولعلّ صوابه : «الزناة» وصفا للذين لا للمرض.
(٤) أورد الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٣٤٩ قولا في المرجفين هذا نصّه : «المرجفون كانوا من المسلمين. وكان المؤلّفة قلوبهم يرجفون بأهل الصفّة. كانوا يشنّعون على أهل الصفّة أنّهم هم الذين يتناولون النساء لأنّهم عزّاب».