قوله : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) : قال مجاهد : هو أبوهم (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) : أي في التحريم مثل أمّهاتهم ؛ ذكروا عن مسروق عن عائشة أنّ امرأة قالت لها : يا أمّه ، فقالت : لست لك بأمّ ، إنّما أنا أمّ رجالكم] (١).
قال : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ). وقد كان نزل قبل هذه الآية في سورة الأنفال : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا) [الأنفال : ٧٢] فتوارث المسلمون بالهجرة. وكان الأعرابيّ المسلم لا يرث من قريبه المهاجر المسلم شيئا فنسختها هذه الآية : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ ، أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) ، فخلط الله المؤمنين بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملل. ذكروا عن أبي أمامة الباهليّ قال : لا يتوارث أهل ملّتين شتّى.
ذكروا عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لا يرث الكافر المسلم ، ولا المسلم الكافر (٢). ذكروا عن الزهريّ أنّ أبا طالب مات وترك طالبا وجعفرا وعليّا وعقيلا فورثه طالب وعقيل ، ولم يرثه جعفر ولا عليّ (٣).
قال : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ) : أي إلى قراباتكم من أهل الشرك (مَعْرُوفاً) : يعني بالمعروف الوصيّة. قال بعضهم : جازت لهم الوصيّة ولا ميراث لهم.
ثمّ رجع إلى قوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ ، أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) فقال : (كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) (٦) : أي مكتوبا ، أي : لا يرث كافر مسلما. وقد قال عليهالسلام : لا يرث المسلم الكافر.
قوله : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ) : أي في صلب آدم في تفسير الكلبيّ ، أي : أن يبلّغوا الرسالة. قال : (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ
__________________
ـ بعد البيان والنهي».
(١) زيادة من سح ورقة ١١١ أثبتّها للفائدة ، وهذا من فقه عائشة وفهمها لكلام الله.
(٢) انظر تخريجه فيما سلف ، ج ٢ ، تفسير الآية ٧٢ من سورة الأنفال.
(٣) رواه ابن سلّام بهذا السند : «حدّثنا بحر السقا عن الزهريّ» ، كما في سح ، ورقة ١١٢. وروي الخبر أيضا عن جابر بن زيد ، انظر : السالمي ، شرح الجامع الصحيح ، ج ٣ ص ٤٥٠.