قوله : (وَبَثَّ فِيها) : أي خلق فيها ، في الأرض (مِنْ كُلِّ دابَّةٍ). قال : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها) : أي في الأرض (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) : أي من كلّ لون (كَرِيمٍ) (١٠) : أي حسن.
ثمّ قال : (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) : يعني الأوثان التي يعبدونها ، فلم تكن لهم حجّة. قال : (بَلِ الظَّالِمُونَ) : أي المشركون (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١) : أي بيّن.
قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : أي الفقه والعقل. كان لقمان فقيها عالما ولم يكن نبيّا. ذكروا أنّ لقمان الحكيم كان عبدا حبشيّا نجّارا (١) فأمره سيّده أن يذبح له شاة ؛ فذبح له شاة ، ففال له سيّده : إيتنا بأطيبها مضغتين ، فجاءه باللسان والقلب. ثمّ أمره أن يذبح له شاة أخرى وأمره فقال : ألق أخبثها مضغتين ، فألقى اللسان والقلب. فقال له سيّده : أمرتك بأن تأتيني بأطيبها مضغتين ، فأتيتني باللسان والقلب ، ثمّ أمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين فألقيت اللسان والقلب؟ فقال له لقمان : إنّه ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خبثا. قال : وكان ذلك أوّل ما عرف به من حكمته (٢).
وقال مجاهد : (وَلَقَدْ ـ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) أي : الفقه والعقل [والإصابة في القول في غير نبوّة] (٣).
قوله : (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) النعمة. قال : (وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) : أي لنفسه نفع ذلك ، والشكور هو المؤمن. (وَمَنْ كَفَرَ) : أي ولم يشكر النعمة (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٢) : أي غنيّ عن خلقه ، (حَمِيدٌ) أي : استحمد إلى خلقه ، أي : استوجب عليهم أن يحمدوه.
قوله : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١٣) : أي يظلم به المشرك نفسه ، أي : يضرّ به نفسه. قال الحسن : ينقص به نفسه.
__________________
(١) وقيل : كان خيّاطا ، وقيل : كان راعيا.
(٢) وردت هذه الجملة مضطربة فاسدة في ب وع فصحّحتها حسبما يقتضيه المعنى. ولم ترد في سح ولا في ز.
(٣) زيادة من سح ورقة ٩٦ ومن ز ورقة ٢٦٦ ، وهي نفس العبارة التي جاءت في تفسير مجاهد ورقة ٥٠٤.