يُسْتَعْتَبُونَ) (٥٧) : أي ولا يردّون إلى الدنيا ليعتبوا (١) ، أي : ليؤمنوا. وذلك أنّهم يسألون الرجعة إلى الدنيا ليؤمنوا فلا يردّون إلى الدنيا.
قال : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) : أي ليذكّروا (وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ) (٥٨) : وذلك أنّهم كانوا يسألون النبيّ أن يأتيهم بآية. قال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٥٩) : يعني الذين يلقون الله بشركهم يطبع على قلوبهم بشركهم.
قال : (فَاصْبِرْ) يا محمّد (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) : أي الذي وعدك أنّه سينصرك على المشركين ويظهر دينك (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) : أي ولا يستفزّنّك (الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) : (٦٠)
يعني المشركين ، أي : لا تتابع المشركين إلى ما يدعونك من ترك دينك ، وهو يعلم أنّه لا يتابعهم على شيء من ذلك ، وأنّهم لا يستخفّونه.
* * *
__________________
(١) قال الزمخشريّ في الكشّاف ، ج ٣ ص ٤١٧ : (يُسْتَعْتَبُونَ) من : قولك : استعتبني فلان فأعتبته ، أي : استرضاني فأرضيته ، وذلك إذا كنت جانيا عليه. وحقيقة أعتبته : أزلت عتبه. والمعنى : لا يقال لهم : أرضوا ربّكم بتوبة وطاعة. وقال الراغب الأصبهانيّ : «والاستعتاب أن يطلب من الإنسان أن يذكر عتبه ليعتب».