(قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠) إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ كُنَّا) : أي بأن كنّا (أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) (٥١) من السحرة. [قال بعضهم : أوّل المؤمنين من بني إسرائيل لما جاء به موسى] (١).
قال بعضهم : كانوا أوّل النهار سحرة وآخره شهداء.
قوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي) : أي ليلا. وقد قال في آية أخرى : (فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً) [الدخان : ٢٣]. قال مجاهد : إنّ موسى وبني إسرائيل لّما خرجوا تلك الليلة كسف القمر ، وأظلمت الأرض. قال : (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) (٥٢) : أي يتّبعكم فرعون وقومه.
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (٥٣) إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) (٥٤).
قال بعضهم : ذكر لنا أنّ بني إسرائيل الذين قطع بهم موسى البحر كانوا ستّمائة ألف مقاتل ، بني عشرين سنة فصاعدا. وقال الحسن : سوى الحشم. وقال بعضهم : كان مقدّمة فرعون على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان. وقال بعضهم : ذكر لنا أنّ جميع جنوده كانوا أربعين ألف ألف (٢).
قال : (وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) (٥٦) : أي متسلّحون. وبعضهم يقرؤها : (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ). يقول : معدّون (٣). وبعضهم يقول : حذرون ، أي : في القوّة
__________________
(١) زيادة من سح ورقة ٥.
(٢) كذا وردت هذه الأعداد في المخطوطات الأربع ب وع وسح وسع ، ينقلها الرواة وينتسخها النسّاخ بدون تمحيص أو تحقيق. وقد لا حظ ابن خلدون هذا في أوّل باب من مقدّمته : فضل علم التاريخ ، فقال : «وكثيرا ما وقع للمؤرّخين والمفسّرين وأئمّة النقل المغالطات في الحكايات والوقائع ... فضلّوا عن الحقّ وتاهوا في بيداء الوهم والغلط ، ولا سيما في إحصاء الأعداد من الأموال والعساكر إذا عرضت في الحكايات إذ هي مظنّة الكذب ومطبّة الهذر ...». انظر ابن خلدون كتاب العبر ، ج ١ ص ١٣. ولو لا أمانة النقل ما أجرينا بمثل هذه الأخبار قلما ولا سوّدنا بها بيضاء. وحسبنا أن نذكر أنّنا ننكر مثل هذه الأخبار ولا نصدّقها.
(٣) كذا في ع : «معدون» وله وجه من التأويل ، أي معدّون العدّة. وفي سع ورقة ٦٣ ظ ، وفي سح : «مقوون». ويبدو أنّ في الكلمة تصحيفا صوابه : «مؤدون» ، فقد قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٨٠ : «إنّ ابن مسعود قرأ (وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) يقولون : مؤدون في السلاح ، يقول : ذوو أداة من السلاح. و (حاذِرُونَ) وكأنّ الحاذر الذي يحذرك الآن ، وكأنّ الحذر : المخلوق حذرا لا تلقاه إلّا حذرا». وإذا صحّ ما جاء في سع وفي ـ