(فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ). (١٤)
(قالَ) الله : (كَلَّا) : ليسوا بالذين يصلون إليك (١) حتّى تبلّغ عن الله الرسالة.
ثمّ استأنف الكلام فقال : (فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) (١٥) : كقوله : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) (٤٦) [طه : ٤٦]. (فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا) يقول لموسى وهارون (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) : وهي كلمة من كلام العرب ؛ يقول الرجل للرجل : من كان رسولك إلى فلان ، فيقول : فلان وفلان وفلان.
قوله : (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) (١٧) : ولا تمنعهم من الإيمان ولا تأخذ منهم الجزية. وكان بنو إسرائيل في القبط بمنزلة أهل الجزية فينا. وهو كقوله : (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) [الدخان : ١٨] يعني بني إسرائيل.
(قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) : أي عندنا صغيرا. ذكر بعضهم قال : بلغنا عن ابن عبّاس أنّ موسى لّما دخل على فرعون عرفه عدوّ الله فقال : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) (١٨) : أي لم تدّع هذه النبوّة التي تدّعيها اليوم. وقال : بلغنا أنّه لّما دخل على فرعون قال له : من أنت؟ قال : أنا رسول الله.
قال : ليس عن هذا أسألك ، ولكن من أنت؟ وابن من أنت. قال له : أنا موسى بن عمران. فقال له : (قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ)؟. (١٨)
قوله : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) : أي وقتلت النفس التي قتلت. (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (١٩) : أي لنعمتنا ، أي : إنّا ربّيناك وأحسنّا إليك. وقال الحسن : وأنت من الكافرين بأنّي إله.
(قالَ) موسى : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) (٢٠) : أي من الجاهلين ، أي : لم أتعمّد قتله. (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ) : يعني حيث توجّه تلقاء مدين. (فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) : يعني النبوّة (وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٢١).
ثمّ قال : (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها عَلَيَ) لقول فرعون له وأنت من الكافرين لنعمتنا. (أَنْ
__________________
(١) كذا في ب وع ، وفي سع ، وز ، وسح : «يصلون إلى قتلك حتّى تبلّغ عنّي الرسالة».