عن ابن عبّاس قال : أعوانا على طاعة الله. وتفسير الحسن : أن يروهم مطيعين لله. قوله : (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٧٤) : أي قادة في الخير ودعاة هدى يؤتمّ بنا.
قال : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) : كقوله : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ) (٣٧) [سبأ : ٣٧]. (بِما صَبَرُوا) : أي على طاعة الله وعن معصية الله. (وَيُلَقَّوْنَ فِيها) : أي في الجنّة (تَحِيَّةً وَسَلاماً) (٧٥) : التحيّة : السّلام ، والسّلام : الخير الكثير ، كقوله : (سَلامٌ هِيَ) [القدر : ٥] قال مجاهد : (سَلامٌ هِيَ) أي : خير هي كلّها (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (٥) يعني ليلة القدر. قوله : (خالِدِينَ فِيها) : أي لا يموتون فيها ولا يخرجون منها (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا) : أي قرارهم فيها. (وَمُقاماً) : (٧٦) أي ومنزلا.
قوله : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي) : أي ما يفعل بكم ربّي (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) : أي لو لا عبادتكم وتوحيدكم وإخلاصكم (١) كقوله : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) [غافر : ١٤] قال : (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) : يعني المشركين (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (٧٧) أي أخذا بالعذاب ، يعذّبهم يوم بدر ، فألزمهم الله يوم بدر عقوبة كفرهم وجحودهم ، يعذّبهم بالسيف. ذكر بعضهم قال : بلغنا عن عبد الله بن مسعود أنّه كان يقول : قد مضت البطشة الكبرى : يوم بدر ، واللزام ، والدّخان ، وهو الجوع الذي كان أصابهم بمكّة ، والروم ، والقمر ، يعني قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (١) [القمر : ١]. وأمّا الروم فإنّهم غلبوا فارسا ، وغلب المسلمون المشركين في يوم واحد. وقوله : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٤٥) [القمر : ٤٥] أي : يوم بدر. وقوله : (حَتَّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) [المؤمنون : ٧٧] يوم بدر ، وقوله : (الْعَذابِ الْأَدْنى) [السجدة : ٢١] يوم بدر ، وقوله : (وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ) [الطور : ٤٧] يوم بدر. وقوله : (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) (٢٩) [السجدة : ٢٩]. وقال الحسن : هي النفخة الأولى بها يهلك كفّار آخر هذه الأمّة ، أعاذنا الله من الهلاك.
__________________
(١) هذا من إضافة المصدر إلى مفعوله ، أي : «لو لا دعاؤه إيّاكم إلى الإسلام» ، كما أورده الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٧٥ ، أي : إلى عبادته وتوحيده وإخلاص الدين له. وهذا وجه حسن من أوجه التأويل اختاره المؤلّف. وفي تفسير مجاهد ص ٤٥٧ : «يقول : ما يفعل بكم ربّي (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) إيّاه ، وأن تعبدوه وتطيعوه». وفي تفسير الطبريّ ج ١٩ ص ٥٥ : «لتعبدوه وتطيعوه». وانظر أوجها أخرى لتأويل الآية في تفسير القرطبيّ ، ج ١٣ ص ٨٤.