شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣٥).
أما قوله : (مَثَلُ نُورِهِ) أي : فمثل نوره الذي أعطى المؤمن في قلبه (كمشكاة) والمشكاة : الكوّة في البيت التي ليست بنافذة ، وهي بلسان الحبشة. وهي مثل صدر المؤمن.
(فيها مصباح) وهو النور الذي في قلب المؤمن. قال : (الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ) صافية ، والزجاجة القنديل ، وهو مثل قلب المؤمن ، قلبه صاف.
(الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) أي : عظيم مضيء (١) (يُوقَدُ) يقرأ على وجهين : يوقد وتوقد ، فمن قرأها بالياء فهو يعني المصباح ، ومن قرأها بالتاء فهو يعني الزجاجة بما فيها ، فكذلك قلب المؤمن يتوقّد نورا.
(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ) وهي مثل قلب المؤمن. (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أي : لا شرقيّة تصيبها الشمس إذا أشرقت ولا تصيبها إذا غربت. ولا غربيّة تصيبها الشمس إذا غربت ولا تصيبها إذا أشرقت ؛ أي : ليس يغلب عليها الشرق دون الغرب ، ولا الغرب دون الشرق ، ولكن يصيبها الشرق والغرب. وقال بعضهم : لا يفيء عليها ظلّ شرقيّ ولا غربيّ ؛ هي ضاحية للشمس ، وهي أصفى الزيت وأعذبه وأطيبه (٢).
وقال بعضهم : لا يصيبها فيء شرق ولا فيء غرب ، هي في سفح جبل ، وهي شديدة الخضرة. وهي مثل المؤمن. (لا شَرْقِيَّةٍ) أي : لا نصرانيّة تصلّي إلى الشرق ، (وَلا غَرْبِيَّةٍ) أي : ولا يهوديّة تصلّى إلى المغرب ، أي : إلى بيت المقدس. الموضع الذي نزل فيه القرآن غربيّه بيت المقدس (٣).
__________________
(١) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ٢٥٢ بعد أن ذكر القراءتين : (كوكب دري) ، و (دري) : «فالقراءة إذا ضممت أوّله بترك الهمز ، وإذا همزته كسرت أوّله. وهو من قولك : درأ الكوكب إذا انحطّ ، كأنّه رجم به الشيطان فدمغه. ويقال في التفسير : إنّه واحد من الخمسة : المشتري ، وزحل ، وعطارد ، والزهرة ، والمرّيخ. والعرب قد تسمّي الكواكب العظام التي لا تعرف أسماءها الدراريّ بغير همز».
(٢) جاءت هذه الجملة الأخيرة مضطربة ناقصة في ب وع ، فأثبتّ صحّتها من سع وز. والقول لقتادة.
(٣) الواقع أنّ بيت المقدس يقع شمال مكّة ، مع ميل قليل إلى الغرب.