فأرسل إليه عمر فقال له : ما ردّك عن بابنا؟ قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من استأذن ثلاث مرّات فلم يؤذن له فليرجع. فقال له : لتأتينّي على ذلك بيّنة وإلّا عاقبتك (١). فجاء بطلحة فشهد له.
وفي حديث عمرو عن الحسن في هذا الحديث : الأولى إذن ، والثانية مؤامرة ، والثالثة عزيمة ، إن شاءوا أذنوا وإن شاءوا ردّوا.
ذكر بعضهم قال (٢) : كنّا ونحن نطلب الحديث إذا جئنا إلى باب الفقيه استأذن منّا رجل مرّتين ، فإن لم يؤذن له تقدّم آخر فاستأذن مرّتين ، مخافة أن يستأذن الرجل منّا ثلاثا فلا يؤذن له ، ثمّ يؤذن بعد ، فلا يستطيع أن يدخل ؛ لأنّه لم يؤذن له وقد أذن لغيره.
ذكروا عن الحسن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا تأذن المرأة في بيت زوجها وهو شاهد إلّا بإذنه (٣). ذكروا عن عطاء بن يسار قال : إنّ رجلا قال : يا رسول الله ، أستأذن على أمّي؟ [قال : نعم ، قال : إنّي أخدمها ، فقال : استأذن عليها] (٤) فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمّ أعادها عليه. فقال :
__________________
(١) كذا في ب وع ، «وإلّا عاقبتك» ، وفي سع ورقة ٥١ ظ : «أو لأجعلنّك نكالا». والحديث صحيح أخرجه أصحاب السنن ؛ أخرجه مثلا البخاريّ في صحيحه ، في كتاب الاستئذان ، باب التسليم والاستئذان ثلاثا ، عن أبي سعيد الخدريّ. وفيه أنّ الذي قام من المجلس ليشهد لأبي موسى الأشعريّ عند عمر إنّما هو أبو سعيد الخدريّ ، وكان أصغر القوم ، وكان ذلك بإشارة من أبيّ بن كعب. ورواه أبو داود أيضا في كتاب الأدب ، باب كم مرّة يسلّم الرجل في الاستئذان عن أبي سعيد الخدريّ (رقم ٥١٨٥) وفيه أنّ الشاهد هو أبو سعيد ، وفي حديث آخر لأبي داود (رقم ٥١٨١) : «قال ايتني ببيّنة على هذا ، فذهب ثمّ رجع ، فقال : هذا أبي ، فقال أبي : يا عمر ، لا تكن عذابا على أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ...». ولم أجد فيما بين يديّ من كتب الحديث أنّ طلحة هو الذي شهد لأبي موسى كما ذكره المؤلّف هنا.
(٢) هو المؤلّف نفسه يحيى بن سلّام كما جاء في سع ورقة ٥١ ظ. وقلّما يتحدّث ابن سلّام عن نفسه أو عن حياته العلميّة ، وهذه إشارة عابرة إلى ذلك. وهذا لعمري غاية في آداب التعلّم وتلطّف حسن في طلب الحديث. وليت طلّاب اليوم يفقهون هذا فيلتزموا بهذه الآداب حسبما تمليه ظروف العصر الحاضر وتسمح به.
(٣) أخرجه الطبرانيّ في الكبير عن ابن عبّاس ، وقد ضعّف هذا الحديث.
(٤) زيادة من سع ، ورقة ٥١ ظ. أخرج الحديث ابن جرير الطبريّ في تفسيره ، ج ١٨ ص ١١٢. وأخرجه أيضا مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سأله رجل ... في الموطأ ، كتاب الجامع ، ـ